مقالات وآراء

مصر في الإعلام الإسرائيلي

عماد فؤاد

وصفت الولايات المتحدة الأمريكية العلاقة القائمة بين مصر وإسرائيل بعد توقيعهما لاتفاقية السلام عام 1978، بأنها مثل “المرض الجلدي”.

هذا الوصف جاء في مضمون الرسالة التى بلغتها الولايات المتحدة الأمريكية إلى إسرائيل – أواخر عام 2009 – لتحذرها من الكراهية الشديدة التي يكنها الشعب المصري لها، ولم يكشف مضمون الرسالة عن الأسباب التى دفعت واشنطن إلى وصف العلاقات القائمة بين مصر وإسرائيل بمثل هذا التوصيف.

وجاء فى نص الرسالة الأمريكية التي سربها موقع “ويكليكس”، وسلطت وسائل الإعلام الإسرائيلية الضوء عليها آنذاك (عام 2010) أن ” الحكومة الإسرائيلية لديها علاقات مع الحكومة المصرية، ولكن هذه العلاقات لا يهتم بها المصريون الذين يكرهون إسرائيل بشدة “.الرسالة الأمريكية لإسرائيل تبدو منقوصة ، بعد أن اكتفت بالإشارة إلى ” المرض الجلدي ” الذي وصفت به العلاقات المصرية الإسرائيلية ، لكنها لم تتطرق إلى أسباب المرض التي تتصدر الولايات المتحدة قائمته ، بدعمها ” المفرط ” للكيان الصهيوني الاستيطاني.

والرسالة أيضًا في حد ذاتها يمكن اعتبارها – مجازًا – شهادة موثقة على ثبات موقف الشعب المصري، في مواجهة العدو الإسرائيلي ، فالمصريون تركوا العلاقات الرسمية لمسارها المحمل بتشابكات إقليمية ودولية، وتمسكوا برفض التطبيع مع الكيان المحتل ، و الملمح الأبرز الذي يستحق الوقوف أمامه، أن المصريين تسامحوا مع تواصل المسؤولين المعنيين بالملفات السياسية و الامنية ، مع نظرائهم الإسرائيليين ، لكنهم لم يغفروا لغيرهم من الرسميين في المجالات الأخرى ، أو الشخصيات العامة سواء كتاب أو رجال صناعة أو زراعة أو اقتصاد ، ممن تواصلوا تحت أي مبررات ، ما اعتبروه من ” جرائم التطبيع “.

الرفض الشعبي المصري للتطبيع مع العدو ، صار مضرب الأمثال في هذا الإطار ، مؤكدًا أن ذلك ” الحاجز النفسي ” لن يتم تجاوزه إلا بزوال الاحتلال عن الأراضي العربية ، و إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة .و في الوقت نفسه تحول هذا الموقف الشعبي للمصريين إلا ” غصة في حلق العدو ” ، و هو ما يكشف عنه الإعلام الإسرائيلي بوضوح ، و بسببه يحرض حكومته على مصر بصورة دائمة ، وارتفعت نغمة التحريض منذ بداية العدوان الهمجي على غزة في أكتوبر من العام الماضي ، بسبب الموقف المصري الصلب الرافض لمخطط تهجير الفلسطينيين ، و اجتياح رفح .يركز الإعلام الإسرائيلي على مقولة ان مصر مسؤولة بشكل كبير عما حصل في السابع من أكتوبر” ، و كانت البداية مع وزير المالية الإسرائيلي المتطرف ” بتسلئيل سموتريتش والذي انتقد الموقف المصري المعارض بشدة لنية إسرائيل شن عملية برية واسعة النطاق في مدينة رفح .و أشارت صحيفة ” هآرتس ” إلى ما قاله ” سموتريتش ” خلال تراسه اجتماع للكتلة البرلمانية لحزب الصهيونية الدينية ، من إن مصر مسؤولة بشكل كبير عما حدث في السابع من أكتوبر، و ادعائه كذبًا أنها المصدر الرئيس لتسليح المقاومة الفلسطينية ، في محاولة يائسة لنفي حصول ” المقاومة ” في الضفة الغربية و غزة على غالبية السلاح من مخازن الجيش الإسرائيلي ، ومن تجار سلاح إسرائيليين.

الإعلام الإسرائيلي يحرض حكومته على اجتياح رفح الفلسطينية ، حتى و إن تم ذلك على حساب المواجهة مع مصر .ووفقا لاستطلاع نشره موقع ( now14 ) الإخباري الإسرائيلي ، أيد (73%) من المشاركين اجتياح رفح ، و قالت القناة الـ ( 12) بالتلفزيون الإسرائيلي ” إنه من الممكن أن يؤدي العمل العسكري الإسرائيلي في رفح ، لتدمير ما تبقى من كتائب حماس ، وإجلاء الفلسطينيين من هناك، للسيطرة على محور ” فيلادلفيا “، رغم احتمالية تعريض العلاقات الهشة مع مصر للخطر .ورغم التحريض الإعلامي الصهيوني على مصر، إلا أن الحكومة الإسرائيلية – وخلفها الإدارة الأمريكية – مازالت تتحسب خطواتها، و تضع أمامها رد الفعل المصري حال تجاوزها ” الخطوط الحمراء ” ، و هذا ما يمكن تناوله في مقال آخر.

* نقلا عن “الوطن

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط.

زر الذهاب إلى الأعلى