مقالات وآراء

حقيقة خلاف بايدن ونيتانياهو

أحمد عبد التواب

تُبالِغ بعض وسائل الإعلام العربية فى الترويج لأن هنالك خلافات شخصية كبيرة بين الرئيس الأمريكى بايدن ورئيس وزراء إسرائيل نيتانياهو، وتقول إنهما مختلفان حول ما يجب عمله فى غزة، وتتوقع من هذا تغييراً فى سياسة بايدن مع إسرائيل. أما مصدر هذا الاستنتاج فهو خبر صغير فى الصحافة الأمريكية عن ضيق بايدن من نيتانياهو. فى حين أن السياسة الأمريكية، المُطَبَّقة يومياً والمُعلَنة فى كل وسائل الإعلام الأمريكية، تنشر تفاصيل دقيقة عن تدفق التمويلات الأمريكية المليارية لإسرائيل، وشحن الأسلحة المتنوعة والذخائر، وبعضها بشكل عاجل لتلبية احتياجات إسرائيل فى كل ما تقترفه، ليس فقط فى غزة، ولكن أيضاً فى لبنان وسوريا..إلخ. كما أن أقصى خلاف يُعلِنه بايدن شخصياً لا يتجاوز مطالبته، بأكثر الألفاظ تلطفاً، بالحرص على حياة المدنيين الفلسطينيين، دون أن يدين قتل أكثر من 28 ألف فلسطينى فى 135 يوماً، ولم يطالب، مثلاً، بمنع اقتحام رفح، أو بوقف الأسلحة المحرمة دولياً! أضِف أيضاً أن دعمه لإسرائيل فى الأمم المتحدة يتطابق مائة بالمائة مع سياسة حكومة إسرائيل. كما أنه، وبرغم أن بعض الأصوات داخل مجلس الشيوخ تتحدث بشجاعة عن أن إسرائيل تقترف جرائم حرب، فليس لهؤلاء أى تأثير على اتجاهات التصويت، التى يلتزم بها أغلبية أعضاء حزبه، التى تؤيد حكومة نيتانياهو بأكثر من التأييد الذى تناله فى الكنيست.

الخُلاصَة، أن النفخ فى مثل أخبار ضيق بايدن من نيتانياهو، ليس مجرد خطأ صحفى، ولكنه ضد مبادئ العمل الصحفى، للتساهل فى نقل خبر جانبى دون استكمال بقية التفاصيل المهمة. وهذا، عمليا، يُدخِل الغش على القراء والمشاهدين، لعزله هذه النوعية من الأخبار عن سياقها، الذى يُطرَح صراحة فى منابر أمريكية أخرى، تضعه فى إطار جهود خبراء حملة بايدن الانتخابية، الذين يستهدفون تلطيف سياسة يعلمون أن قطاعاً من ناخبيهم يعترض عليها، فالسياسة العملية الداعمة لإسرائيل مستمرة، وهذا يُرضِى اللوبيات اليهودية القوية التى يطمحون فى كسبها لصفهم، ثم تأتى هذه الأخبار فى محاولة لعدم خسارة المعارضين لجرائم إسرائيل. وبالطبع، فما أن تنتهى ظروف الانتخابات حتى يعود كل شئ إلى ما كان عليه.

* نقلا عن “الأهرام

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط.

زر الذهاب إلى الأعلى