ثقافة وفنونمقالات وآراء
إضاءة على رواية “المتسرنمون” للدكتور عمر عبد العزيز بقلم د. محمد أحظانا
نافذة على الوجود وبوابة على ممارسة الحرية
تعد تجربة الدكتور عمر عبدالعزيز الروائية، حالة خاصة تميز بها على مدار مشواره الإبداعي، حيث منحها الكثير من الوقت والمثابرة، ليجهد عقله المتخم بالأفكار والأخيلة، كي يستجلي مكنونات ذاته، من خلال لغته البكر وقواميسه (العمرية)، ليدهشنا كعادته بأعمال حفرت في ذاكرة الإبداع العربي المعاصر.
ليضع اسمه في هرم الإبداع المتواري خلف غيوم ذاكرة الوجد، ونفس باحثة عن معارج الروح إلى التكامل مع الأنا والأنين، والتجلي المتسم بالروحانية تارة، والعقلانية تارة أخرى، تاركاً المتلقي يضع النهاية المحتومة التي تتوافق ومعطياته وتصوراته، راسماً لوحة زاهية الألوان، قاتمة بعض الشيء عند حوافها الدائرية، حال الكون المتسع الذي ندور في فلكه ومداراته اللامتناهية…
عبدالعليم حريص –

وتالياً في هذه السطور نص لمقالة في رواية المتسرنمون للدكتور عمر عبد العزيز التي كتبها المفكر الموريتاني الدكتور محمد أحظانا رئيس اتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين، المستشار الفني لوزير الثقافة والصناعة التقليدية.
نص المقال
أخي المبدع مهندس الإدهاش د. عمر عبد العزيز. كنت مستغرقًا هذه الأيام في قراءة رواية “المتسرنمون”، وقد قرأتك فيها بإيماآتك وتهويماتك وشطحك الذهني الحر.. وربما أكتب عنها بعض الخواطر التي عنت لي لاحقًا.
لقد أدهشتني الرواية من بين ما أدهشتني فيه: إبداعيتها غير المصنفة، وإصرارها الناعم خلال تموجاتها السردية وانعطافاتها الحلمية ، على التأبي عن التصنيف، واختراقها المتجدد لفضاء التوقع، وسباحتها في لجة الوجود الفردي بألفته ووحشته، والتفاف ذوائبه وانطلاق مستشعراته في فضاء فسيح تظلله عن بعد سماء الوجود الكلي الداهم، مما جعلني أقول في نفسي دون أن أقول لها: أفي صنوف الكتابة مذكرات جوانية النبع متدفقة في سهول الكيان الجمعوي الإنساني، على ضفاف الحكمة المجنونة والجنون المحكم، والتشتت المنتظم والانتظام المشعشع؟ أم في السرد على قربه نأي متحيز في أبعاد زمانية ولا زمانية، متمكنة ولا متمكنة، متموجة ومنسابة؟
كانت قراءتي لرواية “المتسرنمون” تذكرني تجليًا لذاتك بأبعادها المتماهية مع نشوة الوجدان، مرقومة على الورق.. أنت الذي عرفت ولم أعرف، متأرجحًا بين تهويماتك الإشراقية المنطلقة، وعقلانياتك الندية.
لقد قضيت أيامًا في قراءة الرواية من بين السطور، فخامرني كإحساس الراكب على زورق توطن الأمواج، فلم تشفع له مهارته في أخذ لحظة هدوء واحدة، كأنني أرتفع من سفوح الواقعيات المتدحرجة لأتسنم ذرى التشوُّف إلى البعد و أحلم بنسيم الشواطئ المتنائي كلما خامرني نسيان السباحة بين السطور.
“المتسرنمون” رواية تفتح نافذة على الوجود وبوابة على ممارسة الحرية عبر الأشكال المتاحة، والتعبير بالممكن عن المستحيل ضمن حدود المعنى المتحرر من إكراهات التحيز وثقالة الاستسلام للقدر الكتيم.
أخيرا فهذا الرأي مأذون للنشر على صفحتك، إذا اعتبرته من صنف الصدى البعيد لترددات رواية “المتسرنمون”. الملفتة للانتباه.