د. عيسى صالح الحمادي: حِكَايَةُ الْيَوْمِ الْعَالَمِيِّ لِلُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ
ونحن في الشارقة على مشارف الاحتفاء باليوم العالمي للغتنا الأم .. ملكة اللغات .. وأميرة اللسانيات .. وذلك تحت رعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة “حفظه الله ورعاه”، وفي إطار توجيهات منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم( اليونسكو) والخطة الدولية لتنمية الثقافة العربية (أرابيا) نحو تنظيم احتفالية بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية بما يليق بمكانة اللغة العربية ومدلولاتها الحضارية، فإن لهذا اليوم حكاية تمثلت في الجهود العربية لأبنائها الغيورين والتي انتهت بتتويج اللغة العربية والانتصار لها من خلال الاحتفاء العالمي بها في الثامن عشر من ديسمبر من كل عام..
- أما حكاية اليوم العالمي للغة العربية فقد بدأت فِي الثَّامِنَ عَشَرَ مِنْ دِيسَمْبِرَ عَامَ ثَلَاثَةٍ وَسَبْعِينَ وتِسْعَمِائَةٍ وَأَلْفٍ مِنَ ْالْمِيلَادِ حيث أَصْدَرَتِ الْجَمْعِيَّةُ الْعَامَّةُ لِلْأُمَمِ الْمُتَّحِدَةِ قَرَارًا يَقْضِي بِإِدخْالِ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ ضِمْنَ اللُّغَاتِ الرَّسْمِيَّةِ وَلُغَاتِ الْعَمَلِ الْمُقَرَّرَةِ فِي الْجَمْعِيَّةِ الْعَامَّةِ وَلِجَانِهَا الرَّئِيسَةِ.
- وَفِي السَّابِعَ عَشَرَ مِنْ نُوفَمْبِرَ عَامَ تِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ وتِسْعَمِائَةٍ وَأَلْفٍ مِنَ ْالْمِيلَادِ أَعْلَنَتْ مُنَظَّمَةُ الْيُونِسْكُو فِي مُؤْتَمَرِهَا الْعَامَ يَوْمَ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ مِنْ شَهْرِ فِبْرَايِرَ أَنْ يَكُونَ يَوْمَ اللُّغَةِ الْأُمِّ مِنْ أَجْلِ النُّهُوضِ بِالتَّنَوُّعِ اللُّغَوِيِّ والثَّقَافِيِّ. وَتَحْتَفِلُ بِهِ كُلُّ اللُّغَاتِ.
- أَمَّا فِي السَّادِسَ عَشَرَ مِنْ مَايُو عَامَ سَبْعَةٍ وَأَلْفَيْنِ قَرَّرَتِ الْجَمْعِيَّةُ الْعَامَّةُ لِلْأُمَمِ الْمُتَّحِدَةِ إِعَلَانَ عَامِ ثَمَانِيَةٍ وَأَلْفَيْنِ عَامًا دُوَلِيًّا لِلُّغَاتِ.
- وَفِي التَّاسِعَ عَشَرَ مِنْ فِبْرَايِرَ عَامَ عَشَرَةٍ وَأَلْفَيْنِ عَشِيَّةَ الاحْتِفَالِ بِالْيَوْمِ الدُّوَلِيِّ لِلُّغَةِ الْأُمِّ اعْتَمَدَتْ إِدَارَةُ الْأُمَمِ الْمُتَّحِدَةِ لِشُؤُونِ الْإِعْلَامِ قَرَارًا يَقْضِي بِالْعَمَلِ عَلَى الْاحْتِفَالِ بِيَومٍ عَالَمِيٍّ لِكُلِّ لُغَةٍ مِنَ اللُّغَاتِ الرَّسْمِيَّةِ السِّتِّ لِلْأُمَمِ الْمُتَّحِدَةِ. وَحَدَّدَتِ الْأَيَّامَ الدُّوَلِيَّةَ لِلُّغَاتِ عَلَى النَّحْوِ التَّالِي:
أَوَّلًا: الْاحْتِفَالُ بِاللُّغَةِ الْفِرِنْسِيَّةِ فِي الْعِشْرِينَ مِنْ مَارَسَ مِنْ كُلِّ عَامٍ وَهُوَ (الْيَوْمُ الدُّوَلِيُّ لِلْفَرَانْكُفُونِيَّةِ).
ثَانِيًا: الْاحْتِفَالُ بِيَوْمِ اللُّغَةِ الصِّينِيَّةِ فِي الْعِشْرِينَ مِنْ أَبْرِيلَ (تَخْلِيدًا لِذِكْرَى سَانْغْ جِيهْ مُؤَسِّسِ الْأَبْجَدِيَّةِ الصِّينِيَّةِ).
ثَالِثًا: الْاحْتِفَالُ بِيَوْمِ اللُّغَةِ الْإِنْجِلِيزِيَّةِ فِي الثَّالِثِ وَالعِشرِينَ مِنْ أَبْرِيلَ وَهِيَ (الذِّكْرَى السَّنَوِيَّةُ لِوَفَاةِ الْكَاتِبِ وِيلْيَامَ شِكْسِبِيرَ).
رابعًا: الْاحْتِفَالُ بِيَوْمِ اللُّغَةِ الرُّوسِيَّةِ فِي السَّادِسِ مِنْ يُونْيُو وَهِيَ (الذِّكْرَى السَّنَوِيَّةُ لِمِيلَادِ الشَّاعِرِ الرُّوسِيِّ أَلِكْسَنْدَرَ بُوشْكِينَ).
خامسًا: الْاحْتِفَالُ بِيَوْمِ اللُّغَةِ الْأَسْبَانِيَّةِ فِي الْحَادِي وَالعِشْرِينَ مِنْ أُكْتُوبَرَ وَهِيَ (ذِكْرَى يَوْمِ الثَّقَافَةِ الْأَسْبَانِيَّةِ).
سادسًا: الْاحْتِفَالُ بِيَوْمِ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ فِي الثَّامِنِ عَشَر مِنْ دِيسَمْبِرَ وَهُوَ (يَوْمُ إِدْخَالِ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ ضِمْنَ اللُّغَاتِ الرَّسْمِيَّةِ لِلْأُمَمِ الْمُتَّحِدَةِ).
وَذَلِكَ بِمُوجَبِ الْقَرَارِ الَّذِي صَدَرَ مِنَ الْجَمْعِيَّةِ الْعَامَّةِ لِلْأُمَمِ الْمُتَّحِدَةِ وَالَّذِي يَقْضِي بِإِدْخَالِ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ ضِمْنَ اللُّغَاتِ الرَّسْمِيَّةِ وَلُغَاتِ الْعَمَلِ فِي الْأُمَمِ الْمُتَّحِدَةِ. وَقَدْ جَاءَ هَذَا الْقَرَارُ بَعْدَ الْجُهُودِ الْعَرَبِيَّةِ؛ حَيْثُ وَضَعَ الْمَنْدُوبُونَ الْعَرَبَ مُسَوَّدَةَ قَرَارٍ يَدْعُو إِلَى الْاحْتِفَالِ بِاللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ فِي الثَّامِنَ عَشَرَ مِنْ دِيسَمْبِرَ مِنْ كُلِّ عَامٍ بِاسْمِ (الْيَوْمِ الْعَالَمِيِّ لِلُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ). ثُمَّ قُدِّمَ مَشْرُوعُ الْقَرَارِ إِلَى الْمَجْلِسِ التَّنْفِيذِيِّ لِلْيُونِسْكُو بِاسْمِ الْمَمْلَكَةِ الْعَرَبِيَّةِ السُّعُودِيَّةِ وَالْمَمْلَكَةِ الْمَغْرِبِيَّةِ (رَئِيسِ الْمَجْمُوعَةِ الْعَرَبِيَّةِ حِينَذَاكَ). وَفِي شَهْرِ أُكْتُوبَرَ مِنْ عَامِ اثْنَيْ عَشَرَ وَأَلْفَيْنِ تَمَّ اعْتِمَادُ الْقَرَارِ الْمُقَدَّمِ بِالْإِجْمَاعِ فِي الْمَجْلِسِ التَّنْفِيذِيِّ لِلْيُونِسْكُو. فَكَانَتْ أَوَّلُ احْتِفَالِيَّةٍ لِلْيَوْمِ الْعَالَمِيِّ لِلُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ فِي الثَّامِنَ عَشَرَ مِنْ دِيسَمْبِرَ عَامَ اثْنَيْ عَشَرَ وَأَلْفَيْنِ. وَمُنْذُ ذَلِكَ الْحِينِ انْطَلَقَتِ الْاحْتِفَالِيَّةُ تَتَوَسَّعُ وَتَتَمَدَّدُ وَتَزْدَادُ انْتِشَارًا عَامًا بَعْدَ عَامٍ بَيْنَ الْمُدِنِ الْعَرَبِيَّةِ وَالْإِسْلَامِيَّةِ وَالْعَالَمِيَّةِ بِسُرْعَةٍ تَفُوقُ مَا كُنَّا نَحْلُمُ بِهِ حَتَّى وَصَلَتْ إِلَى أَنْدُونِيسْيَا وَمَالِيزْيَا وَأُسْتُرَالْيَا وَتُرْكِيَا وُبُولَنْدَا وَالْمِكْسِيكِ وَبِرِيطَانْيَا وَبِلَادِ الْمَهْجَرِ وَالْكَثِيرِ مِنْ دُوَلِ الْعَالَمِ.
وقد تم اعتماد شعار خاص لكل عام منذ انطلاقة اعتماد قرار الاحتفال باليوم العالمي للعة العربية، ففي عام اثْنَيْ عَشَرَ وَأَلْفَيْنِ كان شعار الاحتفالية: “توظيف وسائل التواصل الاجتماعي في تعلم اللغة العربية وتعليمها”، وفي عام ثلاثة عَشَرَ وَأَلْفَيْنِ كان شعار الاحتفالية: “اللغة العربية والإعلام”، وفي عام أربعة عَشَرَ وَأَلْفَيْنِ كان شعار الاحتفالية: “الحرف العربي”، وفي عام خمسة عَشَرَ وَأَلْفَيْنِ كان شعار الاحتفالية: “العربية والعلوم”، وفي عام ستة عَشَرَ وَأَلْفَيْنِ كان شعار الاحتفالية: “تعزيز انتشار اللغة العربية”، وفي العام الحالي الموافق سبعة عَشَرَ وَأَلْفَيْنِ فقد تم اعتماد شعار الاحتفالية بعنوان: ” اللغة العربية والتقنيات الجديدة”.
أَمَّا فِي الشَّارِقَةِ فَقَدِ انْطَلَقَ الْمَرْكَزُ التَّرْبَوِيُّ لِلُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ لِدُوَلِ الْخَلِيجِ فِي تَنْظِيمِ احْتِفَالِيَّةِ الْيَوْمِ الْعَالَمِيِّ لِلُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ عَلَى الْمُسْتَوَى الْإِقْلِيمِيِّ لِلدُّوَلِ الْأَعْضَاءِ بِرِعَايَةِ وَحُضُورِ صَاحِبِ السُّمُوِّ الشَّيْخِ الدُّكْتُورِ سُلْطَانَ بِنْ مُحَمَّدٍ الْقَاسِمِيِّ عُضْوِ الْمَجْلِسِ الْأَعْلَى حَاكِمِ الشَّارِقَةِ – حَفِظَهُ اللهُ وَرَعَاهُ – مُنْذُ عَامِ اثْنَيْ عَشَرَ وَأَلْفَيْنِ إلى سَبْعَةَ عَشَرَ وَأَلْفَيْنِ بِالتَّعاونِ معَ المُؤَسَّسَاتِ المُجْتَمَعِيَّةِ؛ حَيْثُ نَظَّمَ الْمَرْكَزُ الْعَدِيدَ مِنَ الْبَرَامِجِ تَفَاعُلًا مَعَ هَذِهِ الْمُنَاسَبَةِ لِلُّغَةِ الْمُقَدَّسَةِ، وَمِنْ تِلْكَ الْبَرَامِجِ: تَنْظِيمُ النَّدْوَاتِ السَّنَوِيَّةِ ضِمْنَ بَرْنَامَجِ الْاحْتِفَالِيَّةِ بِعُنْوَانِ الْمِحْوَرِ الَّذِي تَعْتَمِدُهُ الْيُونِسْكُو كُلَّ عَامٍ لِهَذِهِ الْمُنَاسَبَةِ. كَمَا نَظَّمَ الْمَرْكَزُ الْأُمْسِيَاتِ الشِّعْرِيَّةِ لِمَجْمُوعَةٍ مِنَ الشُّعَرَاءِ الَّذِينَ تَغَنَّى شِعْرُهُمْ فِي الْاحْتِفَاءِ بِاللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ. بِالْإِضَافَةِ إِلَى الْمَعَارِضِ الْمُتَنَوِّعَةِ مِنْ مَعْرِضٍ لِلْخَطِّ الْعَرَبِيِّ وَمَعْرِضٍ لِلْمَخْطُوطَاتِ وَمَعْرِضٍ لِلْكُتُبِ وَآخَرَ لِأَفْضَلِ الْمُمَارَسَاتِ فِي مَجَالِ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ وَالْقِرَاءَةِ. كَمَا يُصْدِرُ الْمَرْكَزُ إِصْدَارًا خَاصًّا لِبَرَامِجِ الْاحْتِفَالِيَّةِ فِي كُلِّ عَامٍ. وَكَانَ آخِرُ بَرَامِجِ هَذِهِ الْاحْتِفَالِيَّةِ وَخِتَامُ الْمِسْكِ الْكَلِمَةُ السَّامِيَةُ الَّتِي قَدَّمَهَا صَاحِبُ السُّمُوِّ حَاكِمُ الشَّارِقَةِ – حَفِظَهُ اللهُ وَرَعَاهُ – بِمُنَاسَبَةِ الْيَوْمِ الْعَالَمِيِّ لِلُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ فِي الثَّامِنَ عَشَرَ مِنْ دِيسَمْبِرَ عَامَ سِتَّةَ عَشَرَ وَأَلْفَيْنِ.
شُكْرًا لَكُمْ صَاحِبَ السُّمُوِّ حَاكِمَ الشَّارِقَةِ عَلَى دَعْمِكُمْ وَرِعَايَتِكُمْ لِلُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ وَنُعَاهِدُكُمْ عَلَى خِدْمَتِهَا وَتَطْوِيرِ تَعْلِيمِهَا وَتَعَلُّمِهَا لِلنَّاطِقِينَ بِهَا وَبِغَيْرِهَا، كما يتقدم ( الجهة المنظمة) المركز التربوي للغة العربية لدول الخليج بالشارقة – أحد أجهزة مكتب التربية العربي لدول الخليج- بخالص الشكر والتقدير إلى الجهات المشاركة في الاحتفالية لهذا العام وهم: ( وزارة التربية والتعليم، والجامعة القاسمية بالشارقة، ومجمع اللغة العربية بالشارقة، وجمعية حماية اللغة العربية ومبادرة لغتي، وجمعية المعلمين) على جهودهم وتعاونهم في تنظيم الاحتفالية لهذا العام، كما يسرنا أن ندعو الجمهور الكريم لحضور احتفالية اليوم العالمي للغة العربية لهذا العام والتي ستقام تحت شعار “اللغة العربية والتقنيات الجديدة”، وذلك يوم الإثنين الموافق الثامن عشر من ديسمبر (الشهر الجاري) حيث ستبدأ الاحتفالية في تمام الساعة العاشرة صباحًا على مسرح الجامعة القاسمية بالشارقة.