مصر والسعودية.. «طاقة النور»!
العلاقة بين الشقيقتين مصر والسعودية لها خصوصيتها التى تميزها، وتسمو بها فوق أى محاولات للنيل منها، ومن صلابتها، ودائما ما يفرض التوافق «المصرى ــ السعودى» الاستثنائى نفسه على التعامل مع تطورات قضايا المنطقة؛ بما يحمل دلالات عدة تؤكد عمق العلاقة الثنائية، وشراكتهما فى التنمية وصنع المستقبل الذى ترسمه القاهرة والرياض؛ بما لهما من ثقل إستراتيجى ومكانة فى العالمين العربى والإسلامى يعرفها الجميع.
ولا تحتاج العلاقات التاريخية بين البلدين الشقيقين لمزايدة المزايدين، ولا لوقيعة المتربصين؛ فالدولتان ـ بثقلهما السياسى والدبلوماسى ــ هما نقطة الأمان للوطن العربى فى ظل تقلبات غير مسبوقة، ليس فى المنطقة وحدها، ولكن على سطح الكرة الأرضية بأسرها، ولاشك فى أن الظروف الراهنة فى الإقليم وطبيعة العلاقات الأزلية بين مصر والسعودية، فرضت على القاهرة والرياض التحرك السريع، من منطلق دورهما الذى لايمكن الاستغناء عنه فى المنطقة من أجل تدعيم العلاقات العربية ــ العربية، ورعاية مصالح الأمة، وأيضا زيادة التعاون بين البلدين فى كل المجالات، بوصفهما محور الاستقرار فى المنطقة، وحزام الأمان ضد التقلبات السياسية والاقتصادية.
ولعل ما صدر ــ عقب لقاء الدكتور بدر عبدالعاطى وزير الخارجية والهجرة ــ مؤخرا، مع الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودى، بمدينة العلمين ــ يلخص واقع ومستقبل علاقات الدولتين، ويعكس بوضوح النقلة النوعية التى تحققت بالفعل، والمرجو منها لصالح الشعبين الشقيقين، وكان من اللافت تأكيد الوزيرين عمق العلاقات الثنائية الوطيدة والروابط الأخوية والتاريخية التى تربط البلدين، وما تشهده من تطور متسارع فى ظل التوجيهات الصادرة من السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى وجلالة الملك سلمان بن عبد العزيز وسمو ولى العهد الأمير محمد بن سلمان؛ بالعمل على مزيد من تعميق العلاقات الثنائية الوطيدة، فى ظل الوشائج الصلبة والمتينة بين الشعبين.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل تطرق الوزيران إلى الزخم الكبير الذى تحظى به العلاقات المصرية ــ السعودية، بما يعكس الأفق الرحيب الذى تحلق فيه القاهرة والرياض؛ من أجل تحقيق التنمية الشاملة، والتى تجسدت فى إنشاء مجلس التنسيق الأعلى المصرى ــ السعودى، والذى يستهدف الارتقاء بمستوى التعاون الثنائى إلى مستويات تلبى تطلعات الشعبين الشقيقين، والحرص على العمل المشترك لدعم العلاقات الاقتصادية والاستثمارية والتجارية بينهما.
إذن، نحن نتحدث عن شراكة حقيقية وعلاقة استراتيجية، وطبيعة خاصة بين القاهرة التى تعلم مكانة شقيقتها الرياض، وبين المملكة التى تدرك الدور المصرى الحيوى والمهم على الساحتين العربية والإقليمية، ومن هنا تأتى خصوصية هذه العلاقة، وتبدو أى محاولات لزعزعة تلك العلاقة «فاشلة فى مهدها»؛ فالقاهرة والرياض هما اليدان اللتان تحركان الجسد العربى وتدافعان عن قضاياه وتكفلان الحماية له من المخاطر، وستبقى هذه العلاقة نموذجا يحتذى به ولو كره الكارهون.
بل أستطيع أن أجزم أن العلاقات المصرية ــ السعودية بلغت أوجها فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولى العهد الأمير محمد بن سلمان؛ إذ تعددت الزيارات بين الجانبين، وتم تطوير التعاون والتكامل الاقتصادى، والاستثمارات المتبادلة، إضافة إلى عدد كبير من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم، وتعزيز الشراكة الإستراتيجية، لتصبح معها السعودية أكبر شريك تجارى لمصر فى الشرق الأوسط، إضافة إلى التعاون السياسى؛ بحكم أنه يقع على البلدين العبء الأكبر فى تحقيق التضامن العربى؛ وهو ما جعل العلاقات التاريخية تصمد فى وجه كل العقبات، وتتوفر لها الحصانة، وأهلها لتكون نموذجا يحتذى به فى العلاقات بين الأشقاء، ترتيبا على الروابط التاريخية والشعبية القوية والمصالح المشتركة.
إن تعظيم العلاقات المصرية ــ السعودية، وفتح شرايين جديدة لها فى هذه الفترة التاريخية من عمر الشرق الأوسط، هو النجاح السياسى والدبلوماسى بعينه، فى إطار الرؤية الثاقبة للقيادة السياسية فى البلدين، والتى تنتهج فلسفة واضحة، تفتح كل طاقة نور، وتتعامل بشفافية، تحت شعار أخوى، ألا وهو «مصر والسعودية.. دائما معا».
يقول التاريخ إن البلدين الكبيرين يحرصان على التشاور والتواصل الدائم والتنسيق المستمر فى كل المواقف والملفات الثنائية والإقليمية؛ ما يجعل تعزيز التعاون والشراكة ونقلها إلى آفاق أوسع ضرورة ملحة، وبإدراك تام أن هناك أيادى تحاول دائما، دون كلل أو ملل، أن تفسد العلاقة بأى ثمن وبأية طريقة، لإضعاف البلدين، وبالتـالى العرب كلهم؛ ما يتطلب سد هذه الأبواب، وتحصين الروابط المتينة بينهما؛ لمواجهة التحديات الحالية.
****
إن تعظيم العلاقات المصرية ــ السعودية، وفتح شرايين جديدة لها فى هذه الفترة التاريخية من عمر الشرق الأوسط، هو النجاح السياسى والدبلوماسى بعينه، فى إطار الرؤية الثاقبة للقيادة السياسية فى البلدين، والتى تنتهج فلسفة واضحة، تفتح كل طاقة نور!
نقلاً عن “الأهرام“