مقالات وآراء

السادات.. أمير الدهاء

بلال الدوي

 

أتفق تماما مع المقولة التي رددها مؤيدو الرئيس الراحل أنور السادات بطل الحرب والسلام بأنّه هزم معارضيه وهو في قبره، فـ«الرئيس السادات»، بذكائه وفطنته ودهائه، نجح بنسبة 99% في استعادة سيناء التي ضاعت في هزيمة 5 يونيو 1967، ولم يكن أمامه سوى الانتظار حتى أبريل 1982 ليتسلم كل شيء وتعود سيناء كاملة، لكن شاءت الأقدار أن يتوفاه الله ويُغتال وهو وسط رجاله أثناء احتفاله بذكرى انتصار أكتوبر فى عام 1981، وشاءت الأقدار أيضا أن يعود كامل تراب سيناء وهو في قبره.

«السادات»، الذي كان رجلا عسكريا وسياسيا من الدرجة الأولى، من يومه وهو أمير الدهاء، نجح في خداع إسرائيل مرات عديدة، خدعها حينما نفذ خطة الخداع الاستراتيجي على أكمل وجه لدرجة أن قال البعض: لن يحارب «السادات» ولن يستطيع إعادة الأرض وليس لديه سلاح والجيش غير مستعد والعساكر بعضهم «بيلعبوا كرة قدم على الجبهة» والبعض الآخر «بيمصوا قصب على الجبهة» والبعض الثالث «بيستحموا في القناة».

أما بعض الضباط فقد ذهبوا للسعودية لأداء العمرة وقام بالفعل بنشر أسمائهم في خبر في جريدة الأهرام. كانت كل التحركات محسوبة بدقة متناهية، كانت التدريبات تتم على قدمٍ وساق، تم تجهيز كل الأسلحة لتشارك في الحرب، قاد «السادات» المعركة متوكلا على الله ومُعتمدا على المعدن الأصيل للقوات المسلحة وقدرتها على هزيمة العدو وبثقة في قدرة رجالها الأوفياء قادة وضباطا وجنودا على تحقيق النصر. كان العدو المتغطرس يرفع شعار «لا سلم ولا حرب»، وقتها تأكد «السادات» من أنّه لا مفر من الحرب ومن المواجهة.

في خضم الحرب، أدرك «السادات» أنّه يحارب أمريكا، فالطائرات الحديثة كانت تأتي لإسرائيل في مطار العريش بطياريها، والدبابات كانت تأتي لإسرائيل جديدة وبقطع غيارها في مطار العريش، لذلك حقق ما أراده وهو تحطيم خط بارليف وعبور قناة السويس والسيطرة على 13 كم داخل سيناء وقبول وقف إطلاق النار، هنا بدأت المفاوضات وبرعاية أمريكية، سنوات طويلة قضاها في المفاوضات مع «أمريكا وإسرائيل» انتهت بتوقيع اتفاقية كامب ديفيد، ذهب للكنيست وألقى كلمته القوية التي تدل على انتصاره وقدرته على مواجهة إسرائيل وعرض سلام الأقوياء الذي ما زلنا ننعم به حتى الآن.

لم يرضَ مُعارضو السادات في الداخل والخارج بما أقدَم عليه، رفضوا السلام، هاجموه، قطعوه، قاطعوه، وشكلوا جبهة ضده، فـ«اللي إيده في الميّة غير اللي إيده في النار»، عادت الأرض كاملة وهذا هو مربط الفرس، فهو يُدرك أنّ الحروب تُقاس بنتائجها، كُتب اسمه في التاريخ كونه القائد الأعلى للقوات المسلحة وقت حرب أكتوبر وكصانع للسلام في الشرق الأوسط.

يوما بعد يوم، يُثبت «الرئيس السادات» أنّه صاحب أفق متقدم وذو نظرة مستقبلية صائبة، فقد قال إنّ 99% من أوراق اللعبة في الشرق الأوسط في يد الأمريكان، لكن معارضيه عايروه وهاجموه، والآن تُثبت الأحداث صحة مقولة «السادات»، ليس هذا فقط بل إن البعض الآن يقول 100% من أوراق اللعبة في الشرق الأوسط في يد الأمريكان، فالمخطط الإسرائيلي القديم تم تجديده ويعملون على تنفيذه بكل السُبل بمعاونة أمريكية «خالصة مخلصة»، فالسلاح «أمريكي»، والقنابل «أمريكية»، والدعم اللوجيستي والأمني «أمريكي»، والأموال «أمريكية»، والتأييد المطلق دبلوماسيا في المحافل الدولية «أمريكي»، وكل شيء «أمريكي».. إذن أما آن الأوان لأن يأخذ «الرئيس السادات» حقه كاملا ويعتذر له من اتهموه باتهامات خطيرة ومُريبة؟، يعتذرون له عن ضيق أفقهم وعدم رؤيتهم للأحداث رؤية شاملة.

والغريب أنّ ما فعله السادات منذ أن مد يده بالسلام منذ أكثر من 45 عاما هو ما يحاول مُعارضوه بالخارج فعله الآن، لكن شتان بينهما، فالسادات فعل ذلك وحصل على أرضه وينعم شعبه بالسلام الآن، أما مُعارضوه في الداخل فقد انهزموا واحترقوا غيظا أو كمدا أو فشلا، أما مُعارضوه في الخارج فقد غيَّروا آراءهم ويحاولون منذ سنوات تكرار ما فعله «السادات» لكنهم فاشلون ولن يحصلوا على شيء مهما فعلوا. الفارق هنا هو أنّ «السادات» كان قويا وصاحب قضية وكان يريد استعادة الأرض ونشر السلام ونال ما خطط له وحقق هدفه.. أما مُعارضوه في الخارج فهم الآن ضعفاء ولا يملكون من أمرهم شيئا ولن يحصلوا من إسرائيل على شيء مهما طال الزمن.

نقلاً عن “الوطن

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط.
زر الذهاب إلى الأعلى