ثقافة وفنون

منصة الاثنين الثقافية تطرح الإعلام التربوي..بين الواقع والطموح

الشارقة:

نظم المكتب الثقافي والاعلامي في المجلس الأعلى لشؤون الأسرة، جلسة جديدة من ضمن جلساته الأسبوعية التي تهدف لطرح قضايا تهم المجتمع والأسرة والفرد، عبر برنامج زوم، حيث طرحت منصة الاثنين الثقافية قضية “الإعلام التربوي.. بين الواقع والطموح”، واستضافت الجلسة الدكتور محمد المسعودي، وهو أكاديمي وكاتب في المجال التربوي، والإعلامية عائشة عبد الرحمن، مذيع أول إعداد وتقديم البرامج في وزارة التربية والتعليم، وأدارت الجلسة الأستاذة صالحة غابش، رئيس المكتب الثقافي والاعلامي، وطرحت الجلسة عدة محاور منها: ما مدى تأثير الإعلام التربوي في ظل تعاظم شأن مواقع التواصل الاجتماعي؟، وما هي الوسائل المتاحة لمواجهة الاستخدام السلبي وسائل التواصل الاجتماعي اليوم من قبل الأطفال والمراهقين، وكيف يمكننا الخروج بالإعلام التربوي من الجانب النظري للتطبيق العملي الفعال، وغيرها من المحاور…

في البداية تحدثت صالحة غابش، عن أهمية طرح قضية الإعلام التربوي الذي شهد في البداية حضوراً مكثفاً في مختلف وسائل الإعلام، لكن يبدو أن هذا الحضور لهذا المشهد الإعلامي بدأ ينحسر قليلاً، ولم يعد له ذلك التواجد أو التأثير وربما بسبب اجتياح الإعلام الالكتروني الذي غير الكثير من المفاهيم الإعلامية في المجتمع، ولهذا ولأهمية الإعلام التربوي وارتباطه بالأسرة والتربية والأبناء، كان من الضروري تكثيف الاهتمام مجددا بالإعلام الأسري، لهذا كانت هذه الجلسة.

عاد الدكتور محمد المسعودي، بذاكرته لما كان يقدم سابقاً من برامج تربوية ذات تأثير قوي، حيث أشار لبرنامج “افتح ياسمسم” و”سلامتك” ومجلة ماجد، كأمثلة على أهمية المحتوى عند تقديم برامج تربوية من خلال الإعلام، حيث قال:

“في البداية علينا أن نشير للإعلام التربوي كمفهوم، فهو مصطلح جديد نسبياً بدأ في بداية السبعينات حيث استخدمت منظمة اليونسكو هذا المصطلح لظهور دلالات على التطور الذي طرأ على التربية والتعليم والمجتمع، وغير خارطة الأهداف، وامتد ليشمل الالتزام بالقيم الأخلاقية، وأصبح أكثر شمولية لاستدامة التربية والتعليم، وتنامي الجذب على مستقبل الرسالة الإعلامية، مما أدى لتوازي الاعلام والتعليم في محور واحد، ورغم اختلاف وتنوع وتعدد تعريفات الاعلام التربوي، إلا أن أقربها للواقع هو أن الاعلام التربوي هو كل ما ينشر لكل ما يحدث في مجال التربية والتعليم في مختلف وسائل الإعلام.”

وأضاف د.المسعودي، موضحاً:

“الزمن متسارع الآن واختلفت أدوات الإعلام اليوم، فنحن في عصر الثورة التقنية ومقبلين على ثروة صناعية خامسة، وقضية الامكانات المادية مهمة ولكن نحتاج أيضاً إلى عقول وفن خاص لصناعة المحتوى وهو الأهم حقيقة، والوصول لعقول المتابعين ببرامج قوية هادفة، فوسائل التواصل الاجتماعي الحديثة اليوم يجب أن تكون أداة من أدوات الإعلام التربوي، يتم الاستفادة منها لتطوير المحتوى.

وأكد د.المسعودي أن المعوقات اليوم كثيرة، ولكن التجارب الموجودة ليست كلها سلبية بل هناك ايجابيات قد تتفوق عليها، حيث قدم عدة أمثلة منها:

“ساهمت وسائل التواصل الاجتماعي اليوم على سبيل المثال في تطوير التعليم وانطلقت به خارج الأسوار، وطورت مهارات الطلبة في استخدام وسائله والاستفادة منها، فالزمن تغير ولا نستطيع أن نجعل أبناءنا يعيشون كما عشنا نحن، بل الحل هو في السيطرة من خلال المختصين وأولياء الأمور والتوجيه الصحيح من خلال وسائل الإعلام، فالإعلام التربوي موجود، ولكن التساؤل الذي يفرض نفسه هو: هل يقوم الإعلام التربوي اليوم بدوره بشكل كبير وكامل؟، بالطبع لا، فهناك سلبيات ومعوقات، فنحن بالفعل نحتاج لكنترول وبرامج دقيقة لنصل للجمهور ونتعامل مع احتياجاته ولنجيب عن تساؤلاته.

وأشار د.المسعودي إلى أن من أهم التحديات الي تواجهنا اليوم هي استغلال براءة الطفل للأسف، فالمحتوى الذي يتم تقديمه عادة ما يتم استغلال الطفل من خلاله كأداة للترويج لمنتج ما أو فكرة أو مشروع، ولا يتم تقديمه لخدمة مصالح الطفل كما كنا نلمس في سابقا في البرامج القوية التي نفتقدها اليوم، مثل افتح يا سمسم، وسلامتك ومجلة ماجد، وغيرها.

 

وتحدثت الإعلامية عائشة عبد الرحمن من واقع تجربتها في صياغة المحتوى وتقديم عدة  برامج إعلامية تربوية، عن الحاجة التي تستدعيها إعداد مثل هذه البرامج، حيث قالت:

“بعد أن عشنا تجربة اطلاق مسبار الأمل أدركنا فعلا أننا نعيش ولله الحمد في دولة لا تعرف المستحيل، وبالفعل هذا ما حدث عندما مر العالم مؤخرا بجائحة “كورونا: وتبعاتها، حيث توقف التعليم مثلا في الكثير من الدول، بينما استمر وبنجاح في دولة الإمارات، بسبب الاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي واستغلالها بشكل صحيح وايجابي، وهذا ما يؤكد لنا، أن الاعلام الحديث اليوم يمتلك الكثير من الأدوات المسخرة لدعمه وخدمته، وأن جل ما يحتاج إليه بالفعل هو التوجيه الصحيح والاهتمام بصياغة المحتوى الايجابي الهادف”.

وتابعت حديثها مشيرة لتجربتها في تقديم عدة برامج تعليمية منها برنامج العلم، همسات تربوية، وبرنامج الثانوية العامة معكم، والبرنامج الأخير العلم نور، حيث تحدثت عنه كمثال قائلة:

“واجهت في البداية انتقادات كثيرة، وأكد الكثيرون لي أن برنامجي لن ينجح، فالناس تنفر من التعليم، ولكن ماحدث كان العكس، فالبرنامج لم يكن جامدا ومملا، بل حرصنا أنا وفريق العمل وبدعم من الإذاعة على تقديم محتوى جاذب للجمهور، وتضمن البرنامج ثلاثة محاور، الأول استقبال ملاحظات أولياء الأمور، والعمل على حل مشكلاتهم والاجابة عن تساؤلاتهم، وتقديم نبذة عن استراتيجية الوزارة وطرح أي جديد فيها، والمحور الثالث تضمن تسليط الضوء على سلوك تربوي ومناقشته مع مختص يتم استضافته في البرنامج، لهذا عندما توقف البرنامج الذي كان متنفسا لأولياء الأمور، وصلتنا الكثير من الرسائل والاتصالات تطالب بإعادته من جديد، فالاسلوب له دور، والمحتوى له دور، وطريقة الطرح، وهذا هو المهم لتقديم اعلام تربوي ناجح، الوسيلة لا تهمنا بقدر ما يهمنا ما يتم تقديمه من خلالها، فالوسيلة مجرد أداة، من المفروض أن تسهم في تسهيل وتطوير عملنا، وكلما كانت أحدث وأقوى كان هذا في صالحنا. ”

 

وقبل إقفال المنصة تلقى المحاضران عددا من الأسئلة والمداخلات التي تقدم بها أصحابها باقتراحات لإنعاش وجود الإعلام التربوي وإعادته للواجهة مرة أخرى مع الأخذ بمعايير الإعلام الحديث الذي يرتبط به الطلاب اليوم أكثر مما مضى، ومنهم الدكتور جاسم ميرزا، المتخصص بالإعلام الأمني، الذي ربط بين الإعلام التربوي والأمني باعتبارهما من أنواع الإعلام التخصصي، وأشار إلى ضرورة تكثيف الاهتمام بأنواع الإعلام التخصصية وضع استراتيجيات واضحة لها، والاهتمام بوسائل التواصل الاجتماعي والاستفادة منها لتقديم رسالتنا الهادف. كما تحدث الأستاذ جاسم جمعة عن تجربة مجلس أولياء الأمور الطلبة والطالبات في الشارقة باعتبارها قائمة على ثلاث محاور هي أولياء الأمور والمدارس ومؤسسات المجتمع المحلي، ولهذا كان لابد من شراكة إعلامية تدعم دور المجلس وتسلط الضوء على أنشطته، إضافة لدور وسائل التواصل الإعلامي، وأضاف قائلاً: للإعلام بكافة تخصصاته دور كبير وإيجابي، وعلى جميع المؤسسات والجهات الاهتمام بتفعيل هذا الدور.

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى