مقالات وآراء

السادات.. والرهانات الصحيحة!

أسامة سرايا

كان الجيش، وبؤرته الجندى المصرى الجديد والشعب، هو قلب، وبؤرة النصر، وروحه، واستمراريته، لكننا نتذكر مع أبطالنا رجالا صنعوا أكتوبر، وأدركوا أنهم ليسوا أقل من أى عقلية أخرى فى إسرائيل أو الغرب، وخططوا بمعايير العصر، وقدراته، وانتصروا، وأبهروا العالم، ووضعوا مصر على خريطة الشعوب المنتصرة فى عالمها، يتقدمهم الرئيس أنور السادات صاحب قرار العبور، وراعى خطته، ومجلس قيادة حرب أكتوبر 1973. أعتقد أنه على الرغم من أن حرب أكتوبر 1973 بدأت بشكل غير متكافئ فإن مصر استطاعت الوصول إلى نقطة التوازن فى القوة، بل نجحت فى تعويض الفارق، وحققت تقدما عسكريا، والوثائق الحديثة أمريكيا وإسرائيليا نفسها كشفت الدور البطولى الذى لعبه الرئيس أنور السادات فى هذا الشأن، وفشل الاستخبارات الأمريكية فى إدراك التهديد الوشيك بالحرب، وكان وضعهم مريرا للمغالطات الإسرائيلية الذين غسلوا أدمغتنا بها، كما غسلوا أدمغة أنفسهم عن عدم قدرة المصريين على العبور، ثم هزمنا هذه الفكرة فى 6 أكتوبر، وعن امتلاك إسرائيل البر والجو فقد خاض المصريون معركة جوية حربية بطلها قائد القوات الجوية، رئيس مصر الأسبق، محمد حسنى مبارك، قائد القوات التى حمت عبور جنودنا، ودمرت مئات الطائرات، والتى فتحت الطريق أمام قواتنا للتمركز فى سيناء. وأخيرا، ما نستطيع أن نسجله للسادات، قائد الحرب والسلام، أنه أخرج مصر من كل الرهانات الخاطئة، بل صاغ رهانات جديدة لمستقبل مصر والمنطقة كلها، قيمتها المضافة صناعة السلام (وكان هذا نصف النصر، والباقى تكفل به القادة والجنود) وإدراك عمق الوقائع، وفهم الإمكانات العقلية، وكيفية توظيفها، وقدرة مصر فى محيطها، وعلمها، وكيفية تفعيلها، والتأثير على القرار الإقليمى، ودفع الدول العربية لاستخدام سلاح النفط، وأين تكمن المصلحة الوطنية؟، وكيف يمكن تحقيقها بقرار مستقل لا يقامر بمصير الأجيال؟، وفن قراءة الموازين بدقة، وواقعية، والرهان هنا كان مبنيا على المعرفة، والاقتصاد، والإيمان بقدرة المنتج المصرى النهائى على التعبير بالتصدى، وحماية مصالحه، تلك هى الرهانات القادرة على النصر، لأن وراءها قادة، وعقولا تفكر، وتخطط، وتؤمن بالإرادة الوطنية والعلم فى الوقت نفسه، مما جعل أرصدة مصر السياسية والعسكرية تمكنها من أن تكون مفاتيح النصر فى معارك الحرب والسلام بمنطقة الشرق الأوسط.

*نقلاً عن “الأهرام”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى