في وداع جلالة النفط!
كانت دول الخليج شديدة الفقر، حيث لا زرع ولا ضرع ولا أمطار أو أنهار، حتى وصل عهد جلالة الذهب الأسود الزاهي، فاستُغل أفضل استغلال من قبل حكام الخليج الحكماء، واستفادت دولنا وشعوبنا أيما استفادة، من حقبة النفط التي نعيش آخر أيامها، بعد أن قرر العالم أجمع الاستغناء عنه، وبسبب القادة العقلاء لم تكتفِ دولنا الخليجية بإثراء شعوبها والانتقال بدولنا من مصاف العالم الثالث إلى مصاف العالم الأول في كل المؤشرات الدولية، بل جعلت تلك الثروة وسيلة لإثراء شعوب المنطقة عبر فتح فرص العمل لهم ودعم كل مشاريع التنمية في أوطانهم…
***
وتاريخ النفط بالمنطقة العربية عمره آلاف السنين، حيث كان يطفو على الأرض، ويسمى بالقطران الأسود ويستخدم حرقه للتدفئة وللعلاج، وإبان الحروب حيث تطلى به رؤوس الأسهم وتحرق قبل إطلاقها، وفي العصر الحديث اكتشف أن استخدام البترول بدلاً من الفحم في البواخر والقطارات سيزيد من كفاءتها بأكثر من 50%، لذا بدأ التحول السريع من الفحم إلى البترول، والنفط، -للعلم- بذاته لا يخلق شيئاً من دون الإدارة الراشدة له، بدلالة وجود نفوط بكميات أكبر ونوعية أفضل في دول مثل عراق صدام حسين وليبيا مدمر القذافي، فسرقوا عوائدها وما تبقى استخدموه بالمغامرات العسكرية ولم تشهد شعوبهم عبر حوالي 4 عقود طوال من حكمهم إلا الفقر المدقع والقهر والمجاعات.
***
آخر محطة:
1- لا يمكن الحديث عن مرحلة النفط من دون الحديث عن كيف خلقت منظمة أوبك، فحسب كتاب قصة النفط الصادر عام 74، قامت شركات النفط بزيادة الإنتاج بقصد خفض أسعار النفط بداية الستينيات، فقام الشيخ جابر الأحمد، رئيس دائرة المال والأملاك العامة بمنزلة وزارة المالية بإرسال برقية لمسؤول النفط في السعودية عبدالله الطريقي، أن الوقت قد حان لعمل شيء تجاه هذا الابتزاز والضرر، الذي بدوره قام بعرض الفكرة على ولي العهد السعودي الأمير فيصل بن عبدالعزيز، الذي رحب بالفكرة ولم يرحب بفكرة عقد الاجتماع الأول للدول النفطية بالرياض، كما هو مقترح، كي لا يسيء الرئيس عبدالناصر الظن بتلك الدعوة، فقام الطريقي بعرضها على الزعيم عبدالكريم قاسم، الذي كان في حالة عداء شديد مع عبدالناصر، فرحب بالاستضافة الأولى في بغداد، وهو ما تم حيث اجتمع في بغداد مندوبو العراق وإيران والسعودية وفنزويلا والكويت، وهو ما يظهر في جانب منه كذب قاسم اللاحق بدعوى تبعية الكويت للعراق، وأعلن عن قيام الأوبيك في 10/9/1960 وبقي عداء عبدالناصر ووزير نفطه آنذاك للمنظمة وتم الهجوم عليها من وسائل إعلامه واتحاد العمال العرب التابع له.
2- ولا يمكن الحديث عن النفط من دون الحديث عن المقاطعة النفطية عام 73، على إثر حرب أكتوبر المجيدة، وقد ساهمت المقاطعة بارتفاع أسعار النفط بشكل كبير، وفي هذا السياق يخبرني الراحل الكبير عبدالرحمن العتيقي وزير النفط الكويتي، إبان المقاطعة النفطية للغرب، أن المعلومات المؤكدة كانت تظهر لهم أن النفط العراقي والنفط الليبي كانا يتحولان في وسط المحيط الأطلسي من التوجه لدول أميركا اللاتينية إلى المصافي الأوروبية والأميركية سراً.
* نقلا عن “النهار“