ماذا ستفعل مصر بعد تشغيل سد النهضة والوقوف أمام الأمر الواقع؟
المصدر: RT
تحدث خبراء محللون عما ستفعله مصر بعد تشغيل سد النهضة الإثيوبي والوقوف أمام الأمر الواقع بعد سنوات من محاولة إيجاد حل للسد.
وقال خبير الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة عباس شراقي، في تصريحات لـRT، إن مصر لن يكون في يدها ما تفعله بعد تشغيل سد النهضة الإثيوبي، مشيرا إلى أن الأزمة سوف تستمر وهذا يصب في مصلحة إثيوبيا كما حدث سابقا أثناء بناء السد.
“انتهاك مبادئ في القانون الدولي”
وتابع: “سد النهضة مشروع يقام على نهر مشترك، وهناك أعراف واتفاقيات دولية لمثل هذه المشروعات ولكن إثيوبيا انتهكت هذه الاتفاقيات وانفردت ببناء هذا السد بمواصفات لم يحدث فيها تشاور، كما اتخذت قرارات أحادية متعددة، بدأت من التخزين المختلف عليه حتى امتلأ السد العام الماضي، ومصر دائما تعترض لأن ذلك مخالف للأعراف الدولية”.
من جهته، أكد الدكتور محمد محمود مهران، أستاذ القانون الدولي العام والأمين العام للجنة الدولية للدفاع عن الموارد المائية، أن مصر لن تتنازل عن حقوقها المائية التاريخية مقابل وهم التعاون مع من لا يحترم القانون، مشيرا إلي أن العدالة تقتضي أن يلتزم الجميع بالقانون الدولي، وليس أن نكافئ المنتهكين بالتعاون معهم.
وقال الدكتور مهران لـRT، إن إثيوبيا تنتهك ثلاثة مبادئ أساسية في القانون الدولي المائي: مبدأ عدم الإضرار بدول المصب، ومبدأ الاستخدام المنصف والمعقول، ومبدأ التشاور المسبق مع الدول المتشاطئة.
وحذر الدكتور مهران من خطورة قبول المنطق الإثيوبي، مؤكدا أن هذا سيفتح الباب أمام فوضى دولية، قائلا: “إذا قبلنا أن القوي يفرض إرادته على الضعيف دون اعتبار للقانون، فلن يبقى أمان لأي دولة في العالم”.
15 عاما من المحاولات الفاشلة للتعاون
وعن رفض إثيوبيا التعاون مع مصر، قال عباس شراقي: “ربما يكون هناك أسباب سياسية داخل إثيوبيا ومن مصلحة الحكومة الإثيوبية أن تستمر مشكلة سد النهضة إلى أطول فترة ممكنة والشعب الإثيوبي لا يسائل الحكومة على اعتبار أنهم منشغلون في مسألة عمل قومي وهو بناء سد النهضة”.
وأضاف: “الحكومة زعمت للشعب الأثيوبي أن مصر تعترض على بناء السد وهناك تحد كبير في بناء السد ولابد من التعاون والتكاتف مع الحكومة من أجل المشروع لذلك الشعب الإثيوبي متكاتف مع حكومته، لكن إذا انتهى مشروع سد النهضة سيبدأ الحساب والشعب سيسأل أين الجدوى، وفي الحقيقة المشروع ليس له فوائد على الشعب الإثيوبي نهائي لأن السد يقع أسفل الجبال الإثيوبية ولا توجد مساحات للزراعة حوله، والمتبقي هو إنتاج كهرباء والشعب الإثيوبي في أمس الحاجة لها ولكن الحكومة أكدت أن الكهرباء ستصدر للخارج، ويبقى السؤال هنا أين الفوائد التي ستعود على الشعب الإثيوبي؟”>
استغلال إثيوبيا حسن النية المصرية لكسب الوقت
من جانبه علق محمود مهران على مطالب التعاون بين البلدين قائلا: “من يطالب مصر بالتعاون مع إثيوبيا يتجاهل حقيقة أن مصر حاولت التعاون لمدة 15 عاما كاملة، وواجهت خلالها تلاعبا وتهربا إثيوبيا مستمرا”، مضيفا أن إثيوبيا استغلت حسن النية المصرية لكسب الوقت وإنجاز السد دون اتفاق ملزم.
وأوضح خبير القانون الدولي، أن إثيوبيا رفضت منذ البداية أي آلية قانونية ملزمة، بما في ذلك التحكيم أو اللجوء لمحكمة العدل الدولية، لأنها تعلم أن موقفها القانوني منهار تماما.
وتساءل مهران: “إثيوبيا بنت السد دون أي تشاور، ورفضت تقديم دراسات الأثر البيئي، وتتلاعب بمياه النيل وفقا لمصالحها فقط، فكيف نتعاون مع من يكسر القانون أمام أعيننا؟.”
وأضاف أستاذ القانون الدولي أن “إثيوبيا أثبتت غياب حسن النية من خلال أفعالها”، مشيرا إلى أنها ملأت السد أكثر من مرة دون إبلاغ دول المصب، واستمرت في التوسع دون اتفاق، بل وتدعو الآن لافتتاح السد كأنها تستهزئ بالقانون الدولي.
وتابع: التعاون الحقيقي يبدأ باحترام القانون الدولي، وليس بمكافأة المنتهكين، مضيفاً أن قبول الأمر الواقع الإثيوبي سيشجع دولاً أخرى على انتهاك حقوق جيرانها.
أديس أبابا تريد الكعكة كاملة
كما أشار الأمين العام للجنة الدولية للدفاع عن الموارد المائية إلى أن مصر عرضت مرارا تقاسم فوائد السد مقابل ضمانات قانونية لحقوقها المائية، لكن إثيوبيا تريد الكعكة كاملة دون أي التزامات.
وكان وزير الموارد المائية والري المصري، الدكتور هاني سويلم، قد أعلن سد النهضة الإثيوبي بأنه “غير شرعي” ومخالف للقانون الدولي.
كما أشار إلى أن إثيوبيا تجاهلت توصية خبراء عام 2013 بإعادة تدقيق دراسات أمان السد، قائلا: “بهذه الإجراءات، انتهكت إثيوبيا إعلان المبادئ”.
واعتبر الوزير المصري أن التصريحات الإثيوبية الأخيرة مجرد “محاولة لتحسين الصورة أمام العالم”، الذي أدرك -بحسب قوله- حقيقة الموقف. وتحدى سويلم الرئيس الإثيوبي بترجمة تصريحاته إلى “اتفاق مُلزم” يضمن عدم الإضرار بحصتي مصر والسودان المائية، قائلًا: “لم يحدث هذا طوال 13 عامًا من التفاوض”.
وأكد سويلم أن مصر استنفدت جميع الخيارات التفاوضية والمقترحات الدولية، مشددًا على أن بلاده “تدافع عن حقوقها العادلة لحماية موارد الشعب المصري والأجيال القادمة”. وأضاف أن القضية لم تعد تقتصر على الجانب الفني، بل أصبحت “مسألة سيادة وأمن قومي”.