الجزائرمال وأعمالمميز

التمكين الاقتصادي للمرأة في الجزائر | شريفة كلاع

أصبح من دواعي التفاؤل في السنوات الأخيرة أن تكون قضية تمكين الاقتصادي للمرأة قد صارت موضوعا تعالجه معظم مبادرات الإصلاح الإقليمية والوطنية، التي سعت إلى دعم ومساندة حقوق المرأة وتوسيع نطاق مشاركتها ليس في المجالات السياسية وحسب بل حتى الاقتصادية منها، ومع اعتماد أساليب اقتصاد المعرفة وتعميمها، توسعت فرص المرأة خاصة في المجالات الجديدة للعمل، حيث أتاحت التكنولوجيا للمرأة المتعلمة الفرصة لشغل وظائف راقية لا تتطلب المجهود البدني الذي كان فيما سبق يحول دون شغلها الكثير من الوظائف، هذه العوامل وغيرها أتاحت الفرصة للمرأة للتمكن أكثر من المساهمة بفعالية في سوق العمل، وكقراءة لواقع التمكين الاقتصادي للمرأة في الجزائر ومدى مساهمتها في التنمية، نجد أن مساهمة المرأة الفعلية في النشاط الاقتصادي للنساء المشتغلات حسب مؤشرات إحصائية مصدرها الديوان الوطني الجزائري للإحصائية للثلاثي الرابع لسنة 2013، قد بلغت 1.904.000 بـنسبة 17.6% من العدد الإجمالي للسكان المشتغلين الذين يقدرون بـ 10.788.000، وللإشارة أنه كانت تقدر هذه النسبة بـ 5% سنة 1977 و8.1% سنة 1987.

وبتنامي ظهور المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بالجزائر في السنوات الأخيرة، أصبح ينظر إلى هذا النوع من المؤسسات كوسيلة لمكافحة الفقر، وامتصاص البطالة بشكل خاص، والمساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية على وجه عام، وبدخول المرأة للعمل في هذا القطاع والاستثمار فيه، من خلال وجود هيئات دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، ومجموعة من الهيئات غير الحكومية التي تهدف إلى تمكينها وترقية نشاطها الاقتصادي من أجل تحقيق التنمية البشرية، نجد أن الاهتمام الذي خصته الجزائر للمقاولاتية قد دفع بواضعي السياسات لإرساء العديد من الآليات التي تسمح بدمج المرأة في النشاط الاقتصادي، ومن بين هذه الآليات نجد مختلف هيئات دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، بالإضافة إلى مجموعة كبيرة من الهيئات غير الحكومية التي تهدف في مجملها إلى حث المرأة على الانخراط في الحياة الاقتصادية، وترقية نشاطها بما يساعد في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وهو ما أدى بدوره إلى توسع في النسيج المؤسساتي النسوي، إذا أنشأت الوكالة الوطنية الجزائرية لتسيير القرض المصغر ENGEM بموجب المرسوم التنفيذي رقم 04 – 14 المؤرخ في 22 جانفي 2004، حيث تعمل هذه الأخيرة على تقديم سلفيات بنكية صغيرة مضمونة من طرف الدولة بغرض إقامة مشاريع صغيرة، كما تهدف إلى تشجيع العمل الذاتي خاصة لفئة النساء الماكثات بالبيت، وفي ما يلي جدول يوضح عدد المشاريع المستفيدة حتى شهر جوان 2014 حسب الجنس:

الجنس المستفيد العدد النسبة المئوية
نساء 384063 61.70
رجال 238418 38.30
المجموع 622481 100

وتفسير هذه النسب المئوية يرجع إلى أن هذه القروض هي في الأساس تستهوي فئة النساء أكثر، نظرا لقيمتها المالية الصغيرة، والتي لا تغطي النشاطات ذات التكنولوجيا الكثيفة التي تحتاج لأموال أكبر، بل يمكن استغلالها فقط في المشاريع التي لا تحتاج لأموال كبيرة مثل الحرف التقليدية، أو الأنشطة البسيطة مثل الصناعات الغذائية والخياطة والألبسة…إلخ.

أما في ما يخص ترتيب النساء صاحبات المؤسسات الاقتصادية المسجلات ضمن مركز السجل التجاري الجزائري لشهر أفريل 2014، فيتوزعن عبر الولايات الجزائرية بنسب متفاوتة، فحسب ترتيب الولايات نجد أن معظم المؤسسات النسوية تتركز في المناطق الشمالية، والتي احتلت الصدارة الجزائر العاصمة بنسبة 8.18 % بعدد 9427 مؤسسة، تليها ولاية وهران بنسبة 6.25 % بعدد 7246 مؤسسة على الترتيب من العدد الإجمالي، وكلما اتجهنا نحو الجنوب تقل هذه النسب، وهذا راجع نتيجة تباين نسب الكثافة السكانية بين المناطق، وكذا مدى تركز الصناعة في المناطق الشمالية بشكل أكبر نظرا لقرب المواد الأولية والأسواق والموانئ، أو تبعا لضرورة توفر هذا النوع من الأنشطة.

أما عن مجموع المشاريع الممولة من طرف الوكالة الوطنية الجزائرية لدعم الشباب ANSEJ حتى سنة 2013: نجد 292186 مشروع حيث يستهدف 710788 منصب عمل، وبالرغم من أن إدماج المرأة وترقيتها في عالم الشغل يعتبر من أهم أهداف برنامج تلك الوكالة، إلا أن نسبة استفادتهن ضعيفة لا تتجاوز 10 % من إجمالي المشاريع الممولة، والجدول التالي يبين تطور المشاريع الممولة حسب الجنس:

المجموع الكلي 2013 2012 2011 2010 2009 2008 2007 الجنس
29.329 3.526 4.477 2.951 2.211 2.496 1.502 12.166 إناث
262.857 39.513 61.335 39.881 20.430 18.352 9.132 74.214 ذكور
292.186 43.039 65.812 42.832 22.641 20.848 10.634 86.380 المجموع الكلي

وعليه فبالرغم من التدعيمات التي منحتها الدولة عبر البرامج السابقة الذكر، إلا أن مشاركة المرأة في النشاط المقاولاتي لا تزال ضعيفة ودون ما حققه الرجال، حيث لا تشكل نسبة النساء المقاولات سوى 10.2 % من المجموع الكلي، ورغم الجهود والتسهيلات التي تُمنح فيما يخص إجراءات الإنشاء والاستفادة من القروض، لم تصل نسبة توزع المقاولات حسب مكان إقامتهن المستوى المرجو، وهذا إن كان يدل، فإنه يدل على حجم الضغوطات المحلية التي تواجه مساهمة المرأة في التنمية بالجزائر، كما لا تزال المرأة في القطاع المقاولاتي بالجزائر تواجه تحديات كثيرة، وكذلك رهن العادات والتقاليد في المناطق الريفية والحضرية على حد سواء.

نستنتج أن المشاريع الصغيرة والمتوسطة السمة الغالبة للمشاريع التي تمتلكها النساء المقاولات بالجزائر، حيث يعود هذا التمركز النسوي في مجال المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، لما تتسم به هذه المؤسسات من خصائص كصغر رأس مالها وقلة عمالها، … إلخ، كما لا ننسى أيضا حداثة دخول المرآة للعمل الحر وامتلاكها للمشاريع الخاصة بها، وعليه يجب تركيز التفكير دائما حول هياكل وآليات إنشاء المؤسسات من قبل المرأة في الجزائر من أجل زيادة تمكينها في المجال الاقتصادي على الانشغالات التالية: ما هي الأسباب التي تعطل تنمية المؤسسات التي تنشئها المرأة؟ كيف يتم تشجيع المرأة على استغلال الميكانيزمات المسهلة التي تطبقها الحكومة؟ كيف يمكن تحفيز المرأة على خوض غمار المقاولة؟ علما أن أغلب النساء يتجهن إلى مهن مثل الطب والتعليم.

زر الذهاب إلى الأعلى