الإماراتشؤون خليجيةعربي ودوليمميز

انطلاق فعاليات النسخة السابعة عشرة من ملتقى الشارقة الدولي للراوي في المدينة الجامعية

مازن تميم – الشارقة:

شهد سمو الشيخ سلطان بن محمد القاسمي، ولي العهد، نائب حاكم الشارقة، صباح أمس الاثنين، في قاعة المدينة الجامعية، انطلاقة فعاليات النسخة السابعة عشرة من ملتقى الشارقة الدولي للراوي، الذي يستمر 3 أيام، بفعاليات وأنشطة وبرامج متنوعة، بالإضافة إلى معرض مصاحب، تحت شعار “السير والملاحم”، بمشاركة 117 باحثاً وراوياً وخبيراً من 28 دولة عربية وأجنبية. وجال سموه على المعرض المصاحب الذي تضمن تشكيلة مميزة ولافتة من الأعمال التي تعكس مكانة وأهمية التراث والحكاية الشعبية والسير والملاحم، وأهمية الرواة ودورهم ومكانتهم ككنوز بشرية حية. وتضمن حفل الافتتاح تكريم سمو ولي العهد لـ 6 شخصيات من المشتغلين في عالم الحكاية والرواية، هم: الدكتور يعقوب الحجي، والمؤرخ عمران بن سالم عبد الله، والشاعر عبد الله المهيري، والراوي خلف محمد سعيد الدالي، والراوي سالم بن سعيد مهيري الكتبي، والراوي خلفان سعيد بن جرش الكتبي. كما تضمن الحفل عرض فيلم قصير عن الملتقى، بالإضافة إلى سرد حكاية من الجزائر.

وقال سعادة الدكتور عبد العزيز المسلم، رئيس معهد الشارقة للتراث، رئيس اللجنة العليا المنظمة للملتقى: “تهلّ علينا الدورة السابعة عشرة من ملتقى الشارقة الدولي للراوي ومعها تفوح النسمات العطرة والذكريات العبقة لرواتنا الأفذاذ، الذين فارقتنا أرواحهم بعد أن تركوا مخزوناً ثرياً وكماً هائلاً من المعلومات التراثية والمعارف الشعبية الغنية، ووضعوا بصمةً ستبقى خالدةً ما تعاقبت الازمان. وعامٌ فعام وتتجدّد الذكرى، ويتكلّل الإنجاز بالنجاح والازدهار في شارقتنا الباسمة، المشعّة بالأمل والعمل، وفي رحاب مشروعها الثقافي الرائد وأفقها الواعد بالخير والنماء بفضل دعم صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى للاتحاد، حاكم الشارقة حفظه الله ورعاه، وتوجيهاته السامية الرامية إلى خدمة التراث وحفظه وصونه من الضياع والاندثار، وتسخير كافة الجهود الكفيلة بذلك، وما هذا الملتقى الذي نلتقي اليوم في ظلاله الوارفة إلا برهان ساطع على ذلك التوجّه. مسيرة ملتقى الراوي تختزل سنواتٍ عديدة من العمل الثقافي، الذي بوّأ التراثَ الثقافي وحملته المكانة الكبيرة التي يستحقونها، وجعل من الشارقة أنموذجاً رائداً يحتذى به، ويحتفى به في المحافل الدولية، كما أنه يعيدنا إلى الشرارة الأولى التي واكبت انطلاق برنامج الراوي، الذي كان الشمعة التي أضاءت سيرة الرواة وأنارت دروب التراث المظلمة، وأعادت للرواة الاعتبار الذي يليق بهم، وبخاصة رواة الإمارات والخليج العربي، قبل أن تشمل رواة العالم كلّه في ملتقى سنوي تلتقي فيه أفئدة حملة التراث الثقافي والمشتغلين فيه والغيورين عليه”.

كما أوضح المسلم قائلا، لقد اضطلع معهد الشارقة للتراث بجهود قيّمة في هذا السياق تأكيداً على ذلك المعنى العميق وتلك الغاية السامية، حيث استطاع خلال دورات الملتقى السابقة تكريم نحوَ 100 راوٍ وراويةٍ، من الإمارات والخليج والوطن العربي والعالم، من أصحاب المهارات الموروثة، من الرواةِ المتخصصين بشتى مجالاتِ التراث الثقافي، كما تم تكريمُ المؤسساتِ الثقافيةِ والإعلاميةِ الداعمةِ لمسيرةِ «الراوي»، بالإضافةِ إلى نخبةٍ من الباحثين والأكاديميين والإعلاميين. وأن الدورة السابعة عشرة من الملتقى تأتي بحلّة جديدة ومميزة تحتَ شعارِ «السّيَرِ والملاحم»، حاملةً الكثير من المفاجآت، ومحقّقةً نجاحاً كبيراً ونقلةً مهمة في مسيرة الملتقى، حيث زاد عدد المشاركين هذا العام على 117 راوياً وخبيراً وباحثاً وإعلامياً من أكثرِ من 25 دولةً. وانه في كل عام يتجدد اللقاء بالرواة والإخباريين في ملتقى الشارقة الدولي للراوي، الذي أصبح قبلة يؤمها حملة التراث الشعبي ومحبيه من كل مكان، فها هو الملتقى الذي حلق عالياً بدءاً من المحلية ليصل إلى الإقليمية والعالمية ليصبح ملتقى دولياً وحدثاً ثقافياً يترقبه الجميع، ومنصة لتكريم الرواة ومحفلاً ثقافياً تلتقي فيه أفئدة الكثير من حملة التراث والمختصين والباحثين والإعلاميين، لبعث الهمم لجمع التراث وحفظه وصونه.

كما وأشار إلى أن السير والملاحم الشعبية واحدة من أهم محطات وعناوين التاريخ الشفاهي، ونتاج وجدان الشعوب، وقد كانت الحكايات الشعبية وما زالت قصصاً ذات طابع ملحمي، نسجها الوجدان الشعبي وانتقلت من جيل إلى جيل من خلال الراوية الشفهية، كما أن السير الشعبية تميزت بطابعها القصصي الملحمي الذي يراوح بين النثر والشعر والبطولات والفروسية، تداخل فيها الواقع والحقيقة بالخيال، مثل سيرة بني هلال، وسيرة عنترة، والظاهر بيبرس والأميرة ذات الهمة، والزير سالم، وغيرها من القصص والحكايات والسير والملاحم التي ما زالت مستقرة في الوجدان الشعبي وحاضرة بصيغة أو بأخرى في حياتنا وحكاياتنا. وان ملتقى الشارقة الدولي للراوي ياتي في نسخته السابعة عشرة ليؤكد مكانة الشارقة الثقافية، ودورها الرائد في الثقافة العربية والعالمية، فهي بيت المثقفين العرب وحاضنة التراث العربي التي لم تتخل عنه يوماً، وفي ملتقانا هذا العام اخترنا شعار السير والملاحم، وتشكل الدورة الجديدة للملتقى نقطة إضافية في سجل الشارقة الحافل، فبعد أن كان هذا الملتقى إماراتياً خليجياً، أصبح عربياً ثم دولياً، يستضيف الرواة والحكواتيين من مختلف دول العالم، أما الراوي هنا لم يعد محلياً مغموراً، بل أصبح راوي وإخباري دولي يجوب العالم ليحكي حكاياته ويبث رواياته.

هذا وتشكّل مشاركة دولة الكويتِ الشقيقة، ضيف شرف الملتقى، إضافة نوعية لما تتمتّعُ به من رصيدٍ كبيرٍ في التراث الثقافي، وخاصة في مجال التراث البحري ممثلاً في أبحاث ودراسات وإصدارات الدكتور يعقوب يوسف الحجي، وهو الشخصية الفخرية المكرّمة هذا العام. ويتناغم معرضُ الملتقى مع شعار الدورة، مقدّماً صورة بانورامية مكتنزة الكثيرَ من المعلومات الغنية والصور البديعة لتراث الملاحم العالمية والسير الشعبية، فضلاً عن كمٍ هائلٍ ووفيرٍ من الإصداراتِ التي ركّزت في مُجْمَلِها على الرواةِ والسيرِ والملاحم. فملتقى الشارقة الدولي للراوي غدا محفلاً ثقافياً دولياً مهماً، ومنبراً رائداً لتكريم حماة التراث وحرّاس التقاليد الشعبية والمعارف الشفهية، والاحتفال برواة ورواد يستحقون الاحتفاء والتكريم.

زر الذهاب إلى الأعلى