أشرف البولاقي يخدش الحياء في مجموعته القصصية
بعد أكثر من سبعة دواوين شعرية، وعدد من الكتب النقدية، أصدر الشاعر والناقد أشرف البولاقي، مجموعته القصصية الأولى “خدش حياء”، عن دار الأدهم للنشر والتوزيع، ومن النظرة الأولى لغلاف المجموعة، تَظهر لنا رغبة الكاتب في اقتحام منطقة شديدة الحساسية في المجتمع والثقافة، والدخول بعمق فيما هو مسكوتٌ عنه، ويبدأ ذلك من الغلاف ومِن تشكيلاته الفنية الجسدية لامرأة عارية، احترق جسدها حتى سال!
أمّا خلفية الكتاب فقد بدت هادئة، تحمل مقطعًا مِن نص قصصي داخل المجموعة، وهو مقطع من قصة “الخائن”، وهي قصة تتحدث عن الخيانة من جانب، والوفاء من جانب آخر، والقصة كلها لا تتضمن خدش حياء بالمعنى الذي حملته المجموعة القصصية، إلا في المشهد الذي تقطع فيه الزوجة عضو زوجها. وأمّا الإهداء فقد جاء بعيدًا أو منفصلا أو منبتّ الصلة عن جو المجموعة القصصية، ويبدو أنه إهداء شخصي لا يمكننا أن نتعامل معه كقرّاء إلا باعتباره حقًا أصيلا للكاتب.
ضمت المجموعة ثلاث عشرة قصة هي “الميكروباس، وراء مصنع الكراسي، عودة الغائب، الحجرة الداخلية، فيلم ثقافي، ثقب الباب، البلل، الخنجر،الخائن، الحلم، الستر، الابتسامة، أردت أن أكون رجلا”
وبقراءة القصص، سنلاحظ تركيز الكاتب على أبطال قصصه الذكور أكثر من الإناث، فالقصص السبعة الأولى، بالإضافة إلى آخر قصة، “أردت أن أكون رجلاً”، أبطالها من الذكور، لكن هذا التركيز لم يعنِ انحياز الكاتب التام للذكور كأبطال قصصه، فهناك خمس قصص أخرى كان أبطالها من الإناث، وهذا يحمل دلالة الحيادية في الكتابة، فالجنس عند الإنسان، بطرفيه الذكَر والأنثى، أمرٌ غريزي لا يحمل فرقًا، كما تصوّره مجتمعاتنا الشرقية بأنواعها.
سنلاحظ أيضًا أن القصة الخامسة “فيلم ثقافي”، والسابعة “البلل”، تحملان تقريبًا نفس النهاية مِن حيث التراجيديا الكوميدية – إنْ جاز التعبير – التي تدل على تأثر الكاتب بالفنون المختلفة، وهذا ما يجعله متنوعًا في كتاباته.
لم يكن الكاتب معنيًا فقط بفكرة الجنس أو خدش الحياء فقط في كل قصص المجموعة، لكن اهتمامه بذلك جاء مواكبًا ومرتبطًا بفكرة الموت التي كانت حاضرة وبقوة في أغلب القصص، فالزوجة تموت في قصة “فيلم ثقافي”، والجار يقضي نحبه في قصة “ثقب الباب”، والبطل يشهد موت أحد أقاربه في قصة “البلل” … وهكذا، ربما في محاولة من المؤلف بربط فكرة الجنس نفسها بالحياة من ناحية ممارسته، وبالموت من ناحية التوقف عنه أو مصادرته، ورغم أن المجموعة هي الأولى لمؤلفها إلا أنها تكشف عن خبرة بالسرد وتقنياته، اعتمد فيها أكثر ما اعتمد على مفهوم المفارقة، كما تميز القص بالتشويق الذي يمسك بتلابيب القارئ حتى لا يدع له فرصة إلا إكمال القصة ليسكنه الغموض والإثارة اللذين يكتنفان كل قصة.
يذكر أن أشرف على عبد اللطيف خليل (أشرف البولاقي) شاعر وكاتب مصري من مواليد محافظة قنا ـ مصر.
عضو اتحاد كُتَّاب مصر، ويعمل مديرًا لقِسم الثقافة العامة بفرع ثقافة قنا.
ونُشرت له قصائد وقراءات في عدد من الصحف والمجلات والدوريات المصرية والعربية، ويشارك في فعاليات الحركة الثقافية بحضوره العديد من المهرجانات والمؤتمرات الأدبية، وحاصل على عدد من جوائز الإبداع المصري في شعر الفصحى.
صدر له: جسدي وأشياء تقلقني كثيرًا (ديوان شعر فصحى) عن الهيئة المصرية للكتاب 2003، وسلوى وِرد الغواية (ديوان شعر فصحى) عن الهيئة المصرية للكتاب 2003، و واحدٌ يمشى بلا أسطورةٍ (ديوان شعر فصحى) عن الهيئة المصرية للكتاب 2008، وأشكال وتجليات العدودة في صعيد مصر (دراسات شعبية) عن دار وعد للنشر والتوزيع 2011، ورسائل ما قبل الآخرة ج1 (أدب ساخر) عن دار هيباتيا للنشر والتوزيع 2013، و”والتينِ والزيتونةِ الكبرى وهند” (ديوان شعر فصحى) عن الهيئة المصرية للكتاب 2013، ورسائل ما قبل الآخرة ج2 (أدب ساخر) عن دار بردية للنشر والتوزيع 2017، ونصوص من كتاب الأصدقاء (ديوان شعر) عن هيئة قصور الثقافة المصرية 2017، وخدْش حياء (مجموعة قصصية) عن دار الأدهم للنشر 2017 ، ومصر وأنا وثورة الفيسبوك (عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، سلسلة مدونات عصرية)2017، و مبدعون وجوائز (كتاب عن أدباء قنا) عن دار وعد للنشر والتوزيع 2017 ، والعلمانية وهموم المجتمع المدني (قراءات ثقافية) عن دار ابن رشد 2017 ، والأدب في الواحات ) قراءات وشهادات ثقافية) عن دار العماد للنشر والتوزيع 2017، وحضارة النص ونص الحضارة – الأقصر قراءات نقدية (عن الهيئة المصرية العامة للكتاب 2018، وجيلان من كازابلانكا (نصوص شعرية عن دار بردية للنشر والتوزيع 2018، وتجليات استلهام التراث (قراءات نقدية) عن الهيئة العامة لقصور الثقافة 2018.