د.عادل عامر: أسرار ثورة 25 يناير وحقيقتها السرية
خرجت أحداث 25 يناير متمثلة في ثلاث قطاعات أولها وهو جسم هذه الثورة المتمثل في الشعب المصري الذي خرج من رحم المعاناة والبطالة والفقر ليقول لا للفساد ونعم للحرية والعدالة الاجتماعية والحياة الكريمة في أدني مستوياتها.
القطاع الثاني أحزاب المعارضة للنظام الحاكم وهم جزء لا يتجزأ من الفساد السياسي الذي شهدته مصر لعقود وقد داروا في فلك الحزب الوطني الحاكم مرورا فسادة السياسي وسلبياته إلى المجتمع المصري.
أما ثالث قطاعات الثورة وهو المنظمات الحقوقية ومنظمات المجتمع المدني والحركات الاحتجاجية ما يطلق عليهم القوات الحقوقية الناعمة والمتمثلة في قياداتهم ممن تدربوا وتمولوا داخل جدران منظمات أمريكية مشبوهة وثيقة الصلة باللوبي الصهيوني مدججين بالتنظيم العالمي لجماعة الاخوان المسلمين هذه العملية التشريحية للثورة المصرية يمكن أن نفصل فيها رأس هذه الثورة والمتمثل في القطاعين الثاني والثالث عن جسدها ( الشعب المصري ) لنصبح أمام تعريف جديد لأحداث 25 يناير وهي ثورة الشك ما بين حقيقة الجسد ووهم الرأس..!
حقيقة شعوب عربية تنتمي لمنطقة غنية بثرواتها ومواردها لتصبح مطعماً للاستعمار الأجنبي علي مر العصور وأوقعوها تحت حكم أنظمة شمولية تنفذ خططا استراتيجية بعيدة المدي للصهيونية العالمية سواء بعلم لضمان استمرارها في الحكم أو عن جهل وربما لقلة الحيلة وبين أوهام الرأس العفنة التي حركت الجسد تحت شعارات نبيلة وأهداف أكثر نبلاً من صاحب مصطلح ثورات الربيع العربي؟
ومن الذي وصفها بالربيع ؟ تماما مثل شعوب أوروبا الشرقية فبعد مرور سنوات علي هذه الثورات التي قامت في قلب عواصم بلدانهم لا تعلم هذه الشعوب لأن من صاحب وصف ثوراتهم هذه بالثورات الملونة؟
ولماذا أطلق عليها ربيع براغ ؟ والتي فككت بلدانهم إلى مجموعة من الدويلات المتناحرة والمتصارعة فيما بينها . والسؤال الأهم : هل هذه الثورات العربية هي حقاً ثورات ربيع عربي ؟ استطاعت شعوبها أن تستنشق ربيعها ! أم أنها محض مخططات تستتر تحت شعارات خداعة تحاك لأوطانها من أجل هدف أسمى يخدم الصهيونية العالمية ؟ ولماذا وكيف وصل التنظيم الدولي للإخوان المسلمين إلى سدة الحكم في البلدان التي طالتها عواصف النسيم العربي ؟ وهل تم استخدام هذا التنظيم من قبل الولايات المتحدة الأمريكية في الجيل الرابع من الحروب ؟ وكيف استطاع تنظيم الإخوان اختراق الأمن القومي الأمريكي والبيت الأبيض..!
في الحقيقة لا يمكن أن تتفهم ثورة 25 يناير في مصر بعيداً عن قراءة المشهد بالكامل في تونس وليبيا واليمن وسوريا فما حدث في مصر حدث في جميع هذه البلدان بالمنهجية والتكتيكات نفسها، وإن اختلف سيناريو التطبيق على الأرض من دولة إلى أخري طبقا لطبيعة شعوبها وهويتهم ومعتقداتهم وديانتهم، ولكن ظلت الاستراتيجية واحدة هي وصول التيار الاسلامي إلى سدة الحكم في الدول التي طالها نسيم الربيع العربي هذا أو محاولة الوصول لها كما هو الحال في سوريا في تونس أول بلد عربي قص شريط ثورات الربيع، وكانت النموذج الملهم ونقطة الانطلاقة لباقي الشعوب العربية لم يستطع شعبها وبعد مضي ما يقرب من سبعة سنوات من استنشاق نسيم الربيع العربي وقسم شعبها مثلما الحال في مصر الي طوائف وفصائل متناحرة ومتصارعة سلميا على الأقل حتي الآن مع وصول تيار الإسلام السياسي المتمثل في تنظيم جماعة الإخوان المسلمين إلى سدة الحكم بها؟
الأمر الذي أشار إليه الكاتب والصحفي الأمريكي ويليام انجدال مؤلف كتاب الهيمنة الكاملة – الديمقراطية الاستبدادية في النظام العالمي الجديد والمحاضر في جامعة بريستون الذي كتب لأكثر من ثلاثين عاماً عن خطط واشطن الجيوسياسية السرية وقد أنشأ شبكة معلومات واسعة النطاق تمتد عميقاً في خطط الولايات المتحدة السرية أشار في مقابلة من فرنكفورت مع محاور قناة روسيا اليوم الفضائية بتاريخ 31-12-2011 حيث كان الحوار يدور حول ما آلت إليه الأوضاع في تونس بعد 12 شهراً من رحيل الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي.
وهل التونسيين سعداء بالثورة التونسية والاقتصاد في حالة كارثية منذ انتفاضة العام الماضي تونس تم اختيارها لتكون الحجر الأول في سلسلة من قطع الدومينو في استراتيجية زعزعة الاستقرار بالمنطقة والمخطط بعناية فائقة تلك الاستراتيجية التي كانت في الأصل منذ أكثر من عشر سنوات في البنتاجون بواسطة الإدارة الأمريكية في واشنطن لإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط وليس المقصود بها هو تحقيق الاستقرار أو جلب الديمقراطية في أي من هذه البلدان.
أما في ليبيا فالحروب القبلية لا تزال مستمرة ورفعت كلفة الثورة علي الشعب الليبي بتكاليف باهظة لفاتورة سداد حتمية علي حساب الاقتصاد الليبي نتيجة تدخل قوات الناتو بطائراتها وجنودها مصحوبة في الخفاء بضباط الجيش الاسرائيلي علي حد وصف جريدة الجارديان البريطانية التي ذكرت أن الطيارين الذين نفذوا الضرابات الجوية علي ليبيا كان معظمهم من سلاح الجو الصهيوني تلك القوات التي كانت لها اليد العليا في فرض الكلمة الأخيرة علي النظام الحاكم هناك بمساعدة عناصر تنظيم القاعدة.
التي تمركزت على أراضي الليبية وخصوصا بعد أن قامت الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا بتصدير من كانت تأويهم لسنوات عديدة من عناصر التنظيم وكانت ترفض دوما طلب معمر القذافي بتسليمة إياهم ولا يوجد أبلغ من شهادة د ويستر تاريلي المؤرخ والصحفي الامريكي خلال مقابلة له علي قناة روسيا اليوم الناطقة بالعربية حيث استشهد بالتحقيق الذي قدمته صحيفة الدايلي تليجراف مع قائد ثورة مدينة درنة الواقعة في المنتصف بيت بنغازي وطبرق معقل وجود الثوار حيث قال هو من الجماعة الاسلامية المقاتلة والتي انضمت إلى تنظيم القاعدة وتعتبر المدينة الأولى لتصدير الإرهابيين في العالم ويعرفها الأمريكان بعاصمة الإرهاب وبالتالي ليس من الحكمة أن يمسكوا بزمام الأمور حتي في مدينة البريقة أو في كل ليبيا طبعا وسيتم تسليحهم من الولايات المتحدة الأمريكية التي لا تستطيع إرسال جنودها إلى الأراضي الليبية نظرا لوجودها في أماكن عدة حول العالم وبالتالي هم يستخدمون القاعدة التي أصبحت القوات البرية للمشروع الأمريكي الإمبريالي
الأمر الذي جعل رمضان قادروف رئيس جمهورية الشيشان يعرب عن ثقته بأن الاضطرابات التي وقعت في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ناجمة عن سياسة مخطط لها مسبقا وقال نصا طبقا لما نشرته صحيفة اليوم السابع المصرية بعدد 5 ابريل 2011 سينتهون من الأمر في ليبيا وسيباشرون البحث عن أهداف أخري واستطرد رئيس الشيشان قائلا: إنهم يحاولون زعزعة الوضع وجعل الشعوب والأقاليم تواجه بعضها الآخر وإشعال نزاعات بين القوميات والطوائف الدينية وبالعودة مجددا إلى مقابلة ويليام انجدال مع قناة روسيا اليوم المشار إليها سابقا عن الوضع الليبي حيث يري انجدال أن الفة هي خلق أكبر من الفوضى بالمنطقة من أجل تجهيز دور أكبر لحلف شمال الأطلسي بشكل دائم في هذه المنطقة وهكذا صنعت أمريكا مجددا الإرهاب في ليبيا تحت مسمي الديمقراطية وبات نسيم البارود هو المتنفس الوحيد فيما بين طوائف شعبها بعد قتل القذافي بطريقة وحشية وهمجية وتدمير جيش عربي من اقوي جيوش المنطقة وان منفذ عملية اغتيال القذافي هو ضابط مخابرات فرنسي بأوامر مباشرة من الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي.
أما المشهد اليمني فلا يختلف كثيراً عن نظيرة الليبي رغم المشهد السلمي لرحيل الرئيس علي عبدالله صالح والانتقال السلمي للحكم من دون دماء تذكر بعد صفقة الخروج الآمن التي تمت بين الرئيس اليمني والولايات المتحدة الأمريكية عقب تعرضه لمحاولة اغتيال أثناء انفجار صاروخ تم توجيهه الي مكان إقامته فإن التيار السياسي الإسلامي هو من يسيطر علي زمام الأمور هناك وتقوم الولايات المتحدة الامريكية بدعم عناصر من تنظيم القاعدة وتم استبدالهم الان من الحوثيين لتدمير اليمن واستنزاف السعودية كما هو الحال في ليبيا.
وبالانتقال إلى سوريا بشار الأسد وقد رفعت شعارات الديمقراطية والحرية باتت سوريا مسرح عمليات عسكرية وحربا باردة جديدة بين الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها في الغرب من جهة وبين روسيا والصين من جهة أخري وبات صراع التسليح ما بين الجيش العربي النظامي مدافعا عن نظام الأسد والجيش السوري الحر المعارض مدعوما بعناصر تنظيم القاعدة القادمة من الأراضي الليبية وداعش بما أطلق علية جيش النصرة السوري وحلمة القديم في الإمارات العربية المتحدة، فسقط ثالث الجيوش العربية بعد الجيش العراقي والليبي والذي حارب جنبا إلى جنب مع الجيش المصري في حرب الكرامة عام 73 في مستنقع ضد الإرهاب والمعادلة باتت معقدة جدا وتنذر بتقسيم الأرض على أساسين من العرق والدين كما هو الحال فيما يتم تنفيذه علي الارض في ليبيا والعراق الآن.