مقالات وآراء

تعلموا من اليهود

فاروق جويدة

تلقيتُ هذه الرسالة من الصديق د. يحيى أنور بلبع، جرّاح القلب الشهير، يطالب فيها شعب غزة بأن يجمع كل ما أتيح من صور الأحداث الدامية والجرائم، لتكون وثائق للتاريخ أمام الأجيال القادمة.

◙ عندما اعتدى هتلر على الشعب اليهودى فيما يسمى بالهولوكوست أو المحرقة، ماذا فعل اليهود؟.

لقد وثقوا كل ما حدث، وبالغوا واستثمروا هذه الأحداث على مدى الثمانين سنة الماضية فى ابتزاز العالم، وبرعوا فى تمثيل دور الضحية.

الأيام القادمة لدى الشعوب العربية فرصة ذهبية قد لا تدوم طويلاً، فعلى مدى سنتين، ومنذ السابع من أكتوبر، حرصت إسرائيل على منع دخول الصحفيين ووسائل الإعلام إلى غزة، بل تمادت إلى قتل عدد ليس بالقليل من الإعلاميين لمنع توثيق الجرائم البشعة، من القتل العمد للمدنيين العزل، وأغلبهم من النساء والأطفال والمسنين، إلى التجويع والتهجير القسري، بالإضافة إلى تدمير المنازل والمستشفيات ودور العبادة بحجة القضاء على حماس.

الأيام القليلة القادمة فرصة لتوثيق بشاعة ما حدث ونشره بصورة موسعة للعالم من خلال الصحافة المقروءة والمرئية ووسائل التواصل الاجتماعي، بما فى ذلك تصوير الدمار، وما تبقى من جثث لم تدخل فى إحصائيات الضحايا، مع حصر الجرحى وفاقدى الأطراف والبصر والسمع نتيجة القصف الوحشى العشوائي.

توثيق آثار التجويع على سكان غزة، وخاصة الأطفال، وتوثيق ضحايا الحرمان من الخدمة الصحية من أصحاب الأمراض المزمنة الذين حرموا من العلاج، وتسجيل بالصوت والصورة روايات الناجين من أهل غزة.

كما أحب أن ألفت النظر إلى أن كثيراً من أهل غزة قد سجلوا الأحداث على هواتفهم المحمولة، ويجب تجميع تلك التسجيلات.

هنا يبدأ دور الإعلام الحر المحترم فى توصيل الصورة البشعة لما حدث فى غزة.

بعد هذا التوثيق، يُقدَّم للجهات القضائية الدولية المتخصصة لعمل محاكمات مثل محاكمات نورمبرج، حيث إن جرائم الحرب لا تسقط بالتقادم.كما أتمنى أن توثق الدراما هذه المأساة حتى لا ينسى العالم بشاعة ما فعلته إسرائيل فى أهل غزة.

*نقلاً عن “الأهرام“.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى