مقالات وآراء

عروبةُ القرن 21

وحيد عبد المجيد

مجلة المستقبل العربى، التى يصدرها مركز دراسات الوحدة العربية، هى أقدم مجلة شهرية عربية فى حقل العلوم الاجتماعية. لم تَحُل الأزمة المالية الكبيرة التى تواجه المركز، والأزمة المتفاقمة فى لبنان حيث يوجدُ مقره، دون تواصل إصدارها بانتظامٍ فى اليوم الأول من كل شهر.

ويعودُ الفضلُ فى ذلك إلى مديرة المركز لونا أبوسويرح التى تقوده بعزيمةٍ وحكمة وسط أنواء الأزمتين، وإلى فريق تحرير المجلة بقيادة الزميل فارس أبى صعب. ولهذا أجمع أعضاء المجلس الاستشارى للمجلة، فى اجتماعه الأربعاء الماضى، على الإشادة بدورهما وبكل زملائهما الذين قل عددهم.

يحملُ المركز، ومجلته، رسالة العروبة فى لحظةٍ تشتدُ فيها الحاجةُ إليها. ولهذا أُثيرت مسألةُ العروبة فى ثنايا النقاش خلال ندوة (المنطلقات الأفقية للوحدة العربية) التى عُقدت على هامش الاجتماع، وستُنشرُ خلاصتها فى أحد أعداد المجلة المقبلة.

وتحتاجُ مسألة العروبة فعلًا إلى نظرةٍ جديدة فى ضوء تحولاتٍ كبرى يشهدها الوطن العربى، والعالم. وإذا جاز التفكير بصوتٍ مرتفع فى هذه العجالة، فأول ما يتبادرُ إلى الذهن هو مراجعة العلاقة بين العروبة والقومية العربية، والنظر إلى قضية الوحدة بعين القرن 21. وهذا موضوعُ واسعُ تتعدد أبعاده، ومن الطبيعى أن تتباين الأفكارُ بشأنه. لكن ربما يمكن الاتفاق على أن العروبة هى الأصل، وأن القومية العربية أحد فروعها. فالقوميةُ حركة، أو حركات سياسية حديثة، بينما العروبةُ انتماءُ قديم ومُتجدَّد. العروبةُ أصيلة فى تاريخ أمتنا، بينما القوميةُ فكرةُ أوروبية وفدت إلينا ضمن أفكارٍ حديثة عدة فى سياق التفاعل مع الغرب. ولهذا فالعروبيون كُثُرُ يصعب حصرهم، بينما القوميون قليل يمكن عدهم.

وقد أُثيرت قضيةُ العلاقة بين العروبة والقومية مراتٍ من قبل، وكانت حاضرةً عندما طرح الراحل العزيز خير الدين حسيب فى مطلع 1990 تأسيس مؤتمرٍ عربى جامع, ورفض اقتراحًا بأن يُسمى المؤتمر العربى وليس القومى العربى ليتسع للعروبيين بمختلف اتجاهاتهم، ولا يقتصرُ على اتجاهٍ واحد. وربما كان تضييقُ نطاقه أحد أسباب محدودية دوره وتأثيره.

ولكى تكون مناقشةُ هذه القضية الآن منتجة, يتعينُ وضعها فى سياق إعادة تأسيس فكرة العروبة وفق معطيات القرن 21.

نقلا عن الأهرام

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط.

زر الذهاب إلى الأعلى