مقالات وآراء

شبهة بطلان قرار «الفتوى والتشريع»

بدر خالد البحر

في مقال الأسبوع الماضي أمهلنا إدارة الفتوى والتشريع لإصدار تصريح يبرر قانونية موافقتها على جواز إعادة تعيين بعض أعضاء خلية العبدلي، وحيث إن إدارة الفتوى لم تصدر أي تصريح بهذا الشأن، فإنه يحق لنا كمواطنين مستهدفين تقصّي هذه المسألة، كون أن هذه الجريمة تمس أرواحنا ومكتسباتنا ووجودنا كوطن، فهي خيانة عظمى ارتكب فيها المدانون عمداً، طبقاً لما جاء في حكم محكمة التمييز، أفعالاً تمس وحدة وسلامة أراضي الكويت، وقاموا بجلب وتخزين ونقل مواد متفجرة وأسلحة وذخائر، وتدربوا على استعمالها بقصد استخدامها، وسعوا لدى دولة أجنبية، إيران، وتخابروا معها ومع جماعة «حزب الله»، للقيام بأعمال عدائية لإشاعة الذعر والفوضى في الكويت، وقبلوا منهما أموالاً ومنافع بقصد ارتكاب أعمال تضر بالمصالح القومية للبلاد، كما انضموا إلى جماعة «حزب الله» لغرض نشر مبادئ ترمي إلى هدم النظم الأساسية بطرق غير مشروعة، والانقضاض بالقوة على النظام الاجتماعي والاقتصادي، ولسبيل تحقيق ذلك تلقوا التدريبات والتمرينات على حمل الأسلحة والذخائر.

وفي قراءة لقرار إدارة الفتوى والتشريع، الذي أجازت فيه إعادة تعيين المحكوم عليهم في وظائفهم، معتبرة أن الحكم الصادر من محكمة التمييز بشأن جريمة أمن الدولة يدخل في نطاق عدم جواز إثبات «السابقة الجزائية الأولى» في الصحيفة الجنائية لهؤلاء الأشخاص، مؤكدة في قرارها ما نصه: «إن السابقة الأولى أياً كانت الجريمة لا تعد حائلاً يمنع تولي التوظف في الجهاز الحكومي للدولة»، وهو ما يجعلنا نتوقف مندهشين، لأن إدارة الفتوى، برأينا، قد ارتكبت مخالفة صريحة لنص المادة الاولى من القانون نفسه، الذي استندت عليه رقم 9ـــ‏1971 في شأن عدم إثبات السابقة الجزائية الأولى (المعدلة بالقانون 34 لسنة 1990)، والتي نصت على أنه: «فيما عدا الأحكام الصادرة من محكمة أمن الدولة العليا، والاحكام الصادرة في الجرائم المنصوص عليها في المادتين 31 و33 من القانون 74ــــ‏1983، في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها، لا يثبت في الشهادة التي يطلبها المحكوم عليه عن السوابق الجزائية الأحكام التالية: 1- التي رد اعتباره عنها قضاء. 2- الحكم الصادر فيه جريمة بالغرامة او بالحبس أو بهما معاً أو بالوضع تحت المراقبة.. إلى آخر النص».

وبمعنى أوضح: لأن القانون قد استثنى الصادر بحقهم أحكام أمن دولة، فإن شهادة السوابق الجزائية أو صحيفة الحالة الجنائية لهؤلاء الأشخاص المحكوم عليهم، يجب أن تُثبت فيها هذه الجريمة، وبالمحصلة فإنه لا يجوز إعادة تعيينهم لشغل وظائف عامة، حتى وإن حصلوا على العفو الخاص، لأن هذا العفو ينصب على العقوبة دون الجريمة، ولا يمحو الآثار المترتبة على الحكم الجزائي، علاوة على أنهم لم يرد إليهم اعتبارهم.

إضافة إلى ذلك نحن نعتقد أن إدارة الفتوى والتشريع ارتكبت مخالفة أخرى باستنادها للقانون 47ـــــ‏2005، لأنه في ما يتعلق بالعاملين بالجامعات الحكومية والهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب، فقد جاء القانون واضحاً، وبنص لا يقبل التأويل، حين خص بالذكر «أعضاء هيئة التدريس» فقط، ولم يذكر أعضاء هيئة التدريب الذين استخدمت لهم إدارة الفتوى هذا القانون لإجازة إعادة تعيينهم بغير وجه حق. ومن جانب آخر لا يقل أهمية، فالقانون يخص من «انتهت خدماته بمناسبة تعيينه في وظيفة عامة، أو تعيينه في المجلس البلدي أو انتخابه عضواً في مجلس الأمة أو في المجلس البلدي»، فأجاز له القانون العودة إلى عمله عند طلبه، وبالتالي، فإن الحقيقة الجلية الواضحة تثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن هؤلاء المحكوم عليهم بجريمة أمن دولة ليسوا من الأصناف التي أجاز لها القانون العودة لعملهم.

لقد طرحنا الآن وجهة نظرنا حين لم تتجاوب الدولة مع تساؤلاتنا كمواطنين نشعر بالخطر، فأي رسالة هذه تود الحكومة ايصالها للشعب؟ فهل المواطنون مجازون لارتكاب أبشع أنواع جرائم أمن الدولة، ثم يتركون وكأن شيئاً لم يكن، بل وتُرد لهم وظائفهم، في حين تنفذ أحكام الإعدام في حالات مشابهة بدول أخرى؟! أما نحن، وكما قلنا في السابق، كمتخصصين ومن خلال الجمعية الكويتية لجودة التعليم، فنرفض رفضاً قاطعاً وقوف من أدينوا بهذه الجرائم أمام أبنائنا الطلبة، فأي قدوة نضع أمامهم لينهلوا منها العلم؟! كما سنواجه بالأدوات القانونية والقضاء العادل لإعادة الحق إلى نصابه، إذا ما استقرت شبهة البطلان في قرارات إعادة تعيين بعض أعضاء خلية العبدلي الصادرة من إدارة الفتوى والتشريع!

***

إن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي.

*نقلا عن القبس

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط.

زر الذهاب إلى الأعلى